لقدْ كانَ لحديث محمّدٍ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ منَ البيانِ لكثيرٍ منَ جوانبِ حياةِ المسلمِ، ومنها ما بيّنهُ عليه الصّلاةُ والسّلامُ منَ الأمراضِ وعلاجها، وبيّنَ عليه الصّلاةُ والسّلامُ أنَّ المرضَ كفارةُ للإنسانِ منَ الذّنوبِ، وسنعرضُ حديثاً في كفارةِ المرضِ للمعاصي ودوره في محوِ الذّنوبِ ورفعِ الدّرجاتِ.
الحديث:
أوردَ الإمامُ البخاريُّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثنا أبو اليمانِ الحكمُ بنُ نافعٍ، أخبرنا شعيبٌ، عنِ الزّهريِّ، قال: أخبرني عروةُ بنُ الزّبيرِ، أنّ عائشةَ رضيَ اللهُ عنها زوجُ النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، قالت: قالَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ: “ما منْ مصيبةٍ تصيبُ المسلمَ إلّا كفّرَ اللهُ بها عنهُ، حتّى الشّوكةُ يُشاكُها”)). رقمُ الحديث:5640.
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ المذكورُ أوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيحِ في كتابِ المرضى، بابُ: (ما جاءَ في كفّارةِ المرضِ)، والحديثُ منْ طريقِ أمِّ المؤمنينَ عائشةَ بنتِ أبي بكرٍ الصّدّيقِ رضيَ اللهُ عنهما، وهيَ منَ الصّحابةِ المكثرينَ للحديثِ عنْ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، أمّا رجالُ سندِ الحديثِ البقيّة:
- أبو اليمانِ: وهوَ الحكمُ بنُ نافعٍ البهرانيُّ الحمصيُّ (138ـ221هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ روايةِ الحديثِ منْ تبعِ أتباعِ التّابعينَ.
- شعيبٌ: وهوَ أبو بشرٍ، شعيبُ بنُ أبي حمزةَ دينارٍ القرشيُّ الأمويُّ (ت: 162هـ)، وهوَ منَ المحدّثينَ الثّقاتِ منْ أتباعِ التّابعينَ.
- الزّهريُّ: وهوَ أبو بكرٍ، محمّدُ بنُ مسلمٍ الزّهريُّ (50ـ125هـ)، وهوَ منْ مشاهيرِ المحدّثينَ الثّقاتِ منْ التّابعينَ.
- عروةُ بنُ الزّبيرِ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، عروةُ بنُ الزّبيرِ بنِ العوّامِ القرشيُّ (23ـ94هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ محدّثي التّابعينَ عنِ الصّحابةِ، ويروي الحديثِ عنْ عمّتهِ أمِ المؤمنينَ عائشةَ رضيَ الله عنها.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ المذكورُ إلى أجرِ المرضِ وكفّارتهِ في محوِ الذّنوبِ والمعاصي، وقدْ بيّنَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ أنّ المرضَ ابتلاءُ منَ اللهِ تعالى، ويكونُ للمسلمِ جزاءً على معاصيهِ وذنوبهِ، ويكونُ المرضُ تكفيراً لهذه الذّنوبِ، وقدْ بيّنَ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّمَ ذلكَ حتّى الشّوكةُ تصيبُ المسلمَ لصغرِ ذلكَ الوجعِ الّي ينتُجُ عنها، فعلى المسلمِ احتسابُ ذلكَ المرضِ والأوجاعِ الناتجةِ عنهُ لوجهِ اللهِ، كما عليه أنْ يستغفرَ اللهَ منْ ذنوبهِ لأنّها بمثابةِ انذارٍ منَ اللهِ عزّ وجلَّ للتوقّفِ عنِ المعصيةِ.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- رحمةِ اللهِ تعالى بالمسلمِ بابتلائه بالمرضِ المكفّرِ للذّنوبِ.
- على المسلمِ الصّبرُ على الابتلاءِ واحتسابِ ذلكَ في سبيلِ إرضاءِ اللهِ.