لقدْ كانَ للحديثِ النَّبويِّ الشَّريفِ أهميَّةً كبيرةً في توضيحِ ولبيانِ ما جاءَ عامّاً في القرآنِ الكريمِ، ولمْ ينقضي أجلُهُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إلَّا ووضَّحَ للصَّحابةِ عباداتهمْ وما يتعلَّقُ بها، وكانَ للصَّحابةِ الفضلُ الأكبرُ في إيصالِ ما علَّمهُمْ لأمَّةِ الإسلامِ بكلِّ زمانٍ ومكانٍ، ومنَ العباداتِ الّتي وضّحها الوترُ وصلاةُ اللّيلِ، ولقدْ كانَ يُصلِّيها الليلُ على الرَّاحلةِ، وسنعرضُ حديثاُ في صلاتهِ على الرّاحلةِ.
الحديث:
يروي الإمام البخاريُّ يرْحمهُ اللهُ في الصَّحيحِ: ((حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلُ، قال: حدَّثنا جويرية بنُ أسماءَ، عنْ نافعٍ، عنِ ابنِ عمرَ، قال: كانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمُ يُصلِّي في السَّفرِ على راحلتهِ حيثُ توجَّهت بهِ يومئُ إيماءً، صلاةُ اللّيلِ إلّا الفرائضَ، ويوترُ على راحلتهِ)). رقمُ الحديث:1000.
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ يرويهِ الإمامُ محمَّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في صحيحه في كتابِ الوترِ؛ بابُ الوترِ في السَّفرِ، والحديثُ منْ طريقِ الصَّحابيِّ ابنِ عمرَ، وهوَ عبدُ اللهِ بنُ عمرَ بنِ الخطَّابِ رضيَ اللهُ عنهما، وهوَ منَ المكثرينَ للحديثِ وروايتهِ عنْ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلّمَ، أمَّا بقيَّةُ رجالِ الحديثِ:
- موسى بنُ إسماعيلَ: وهوَ أبو سلمةَ، موسى بنُ إسماعيلَ التبوذكيُّ (ت:223هـ)، وهوَ منَ المحدِّثينَ منْ تبعِ أتْباعِ التَّابعينَ.
- جويرية بنُ أسماء: هوَ أبو مخارق، جويرية بنُ أسماءَ الضَّبعيُّ البصريُّ (ت:173هـ)، وهوَ منَ المحدِّثينَ منْ أتْباعِ التَّابعينَ الثِّقاتِ.
- نافعٌ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، نافعٌ مولى عبدِ اللهِ بنِ عمرَ (ت:116هـ)، وهوَ منَ الثِّقاتِ المشهورينَ في روايةِ الحديثِ منَ التَّابعينَ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى كيفيَّةِ صلاةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لصلاةِ اللّيلِ والوترِ أثناءَ السَّفرِ على الرّاحلة، فيروي عبدُ اللهِ بنُ عمرَ أنَّهُ عليهِ الصّلاةُ والسَّلامُ كانَ يُصلِّيها على راحلتهِ أينما توجّهتْ وذهبتْ، وكانَ يؤشِّرُ برأسهِ إلى جهةِ القبلةِ وهوَ معنى الإيماءِ في الحديثِ، ثمَّ يوضِّحُ الرَّاوي أنَّ ذلكَ كانَ فقطْ للنافلةِ دونَ الفرائضِ، فلا تجوزُ الصّلاةُ المكتوبةُ على الدَّابَّةِ، وفي صلاتهِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ رخصةٌ، وفي مواضبتهِ على صلاةِ النَّافلةِ مؤشِّرٌ على أهميَّتها وثوابها عندَ اللهِ تعالى، واللهُ تعالى أعلمُ
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الدُّروسِ والعبرِ المستفادةِ منَ الحديث:
- جوازُ صلاةِ الليلِ والوترِ على الرَّاحلةِ أثناءَ السَّفرِ.
- عدمُ جوازِ الصَّلاةِ المكتوبةِ على الدَّابَّةِ أوِ الرَّاحلةِ.
- أهميَّةُ صلاةِ اللّيلِ والوترِ وأجرهما.