لقدْ كانَ لرسولِ الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ سيرتهُ العطرةِ في تعليمِ الصّحابةِ ما ينفعهمْ في دنياهم وآخرتهمْ، وفيما ينظّمُ حياتهمْ ويرفعُ درجاتهمْ في الإيمانِ، وقدْ كانَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلّمُ يعلّمهمْ جوامعَ الدّعاءِ، وما يتعوذونَ منهُ في دعائهم، وسنعرضُ حديثاً في أمورٍ كانَ عليهِ الصّلاةُ والسّلامُ يتعوذ منها.
الحديث:
يروي الإمامُ البخاريُّ في صحيحه: ((حدّثنا مسدّدٌ، حدّثنا معتمرٌ، قال: سمعتُ أبي، قال: سمعتُ أنسَ بنَ مالكٍ رضيَ اللهُ عنهُ، قال: كانَ النّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقول: (اللّهمَّ إنِّي أعوذُ بكَ منَ العجزِ والكسلِ، والجبنِ والهرمِ، وأعوذُ بكَ منْ فتنةِ المحيا والمماتِ، وأعوذُ بكَ منْ عذابِ القبر). رقمُ الحديث:2823)).
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ أوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيحِ في كتابِ الجهادِ والسّيرِ؛ بابُ ما يتعوّذُ منَ الجبنِ، والحديث منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ أنسِ بنِ مالكٍ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ أنسُ بنُ مالكٍ الأنصاريُّ، خادمُ النّبيِّ عليهِ السّلامُ، ومنَ المكثرينَ في روايةِ الحديثِ منَ الصّحابةِ، أمّا رجالُ الحديثِ الآخرونَ فهم:
- مسدّدٌ: وهوَ أبو الحسنِ، مسدّدُ بنُ مُسرْهدٍ الأسديُّ البصريُّ (ت:228هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ روايةِ الحديثِ منْ تبعِ الأتباعِ.
- معتمر: وهوَ الطّفيلُ، أبو محمّدٍ، معتمرُ بنُ سليمان التّيميُّ (106ـ187هـ)، وهوَ منَ الثّقاتِ المحدّثينَ منْ أتباعِ التّابعينَ.
- أبو معتمرٍ: وهوَ سليمانُ بنُ طرخانَ التّيميُّ (46ـ143هـ)، وهوَ منْ مشاهيرِ المحدّثينَ الثّقاتِ منَ التّابعينَ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى مجموعةٍ منَ الأمراضِ والفتنِ الّتي لها منَ التأثير على المسلمِ في حياتهِ وبعدَ موتهِ، وقدْ كانَ عليهِ الصّلاةُ والسّلامُ يتعوّذُ منها وهي:
- العجزُ والكسلُ: وهما منَ المعوّقاتِ للمسلمِ في أداءِ العباداتِ وهما يفقدانهِ همةَ العملِ والتقدُّمِ في فعلِ الخيرِ.
- الجبنُ : والجبنُ هو ضعفُ القلبِ الّذي يقودُ الإنسانَ إلى الخوفِ من عملِ الخيرِ والتّقدُّمِ بهِ.
- الهرم: وهوَ أنْ يكبرَ الإنسانُ فيصيرُ إلى أرذلِ العمرِ وضعفِ القدرةِ وبطءِ الحواسِّ، وهو من مظاهرِ العالةِ وقيلة الحيلة.
- فتنة المحيا والممات: وهي شاملةُ لفتنِ الدُّنيا والآخرةِ، وما يجعلُ الإنسانَ يحبُّ هذه الفتن ولو كانتْ على حسابِ عبادته لربّه عزّ وجلَّ.
- فتنةُ القبر: وهي ما يلحقُ بالإنسانِ في قبرهِ منَ العذابِ نتيجةَ عملهِ في الدُّنيا.
ما يرشد إليه الحديث:
من الفوائد من الحديث:
- المسلمُ يستعيذُ منْ كلِّ شيءٍ يحولُ بينهُ وبينَ ما يرضي وجه الله.
- المسلمُ يبتعدُ عن فتنِ الدنيا وعنْ معاصٍ تقودهُ لفتنة القبر.