لقدْ فرضَ الله تعالى على الأمّة الصّلاةَ وجعلها حبلٌ متينٌ بينهم وبينَ ربّهم وهي عمودِ دينهم، كما جاءَ في حديثِ النّبيِّ صلّى الله عليه وسلّمَ كثيرٌ منَ الشّواهدِ الّتي بيّنَ فيها سننَ الصّلاةَ الّتي واضبَ عليها عليه الصّلاة والسّلامُ وبيّنَ أجرها وثوابها، ومنها الوترُ منَ الصّلاة، وسنعرضُ حديثاً في الوتر وفضله.
الحديث
أوردَ الإمامُ التّرمذيُّ يرحمهُ الله في السّنن: ((حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا أبو بكرِ بنُ عيّاشِ، قال: حدّثنا أبو إسحاقَ عنْ عاصمِ بنِ ضمرةَ، عنْ عليٍّ قال: الوترُ ليسَ بحتمْ كصلاتكمُ المكتوبةِ، ولكنْ سنَّ رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّمَ وقال: “إنّ الله وترٌ يحبُّ الوتر، فأوتروا يا أهل القرآنِ”)). الحديثُ صحيحٌ ورقمه: 453.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ يوردهُ الإمامُ أبو عيسى، محمّدُ بنُ عيسى التّرمذيُّ في الجامع الصحيح أبواب الوتر، بابُ ما جاءَ أنّ الوترَ ليسَ بحتمٍ، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ القرشيُّ الهاشميُّ رضيَ الله عنهُ وهو منَ الصّحابة الرواة للحديثِ ، أمّا بقيّةُ إسنادِ الحديثِ منَ الرّجال:
- أبو كريبٍ: وهوَ محمّدُ بنُ العلاء الهمدانيُّ (161ـ247هـ)وَهوَ منْ الثّقات في رواية الحديثِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- أبو بكر بن عيّاش: وهو أبو بكرِ بنُ عيّاشِ بنِ سالمٍ الأسديُّ (94ـ193هـ)رجلٌ صدوقٌ منْ رواة الحديث منْ أتباع التّابعينّ.
- أبو إسحاق: وهو عمرو بنُ عبدِ الله بنِ عبيدٍ الهمداني (29ـ129هـ)، وهو منَ التّابعينَ الثّقات في رواية الحديث.
- عاصم بن ضمرة: وهوَ وهوَ عاصمُ بنُ ضمرة السلوليُّ ، قيلَ عنه ثقة، وقيل صدوقٌ يخطئ، وهوَ منَ التّابعينَ.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ إلى مشروعيّة الوتر وهوَ سنّةٌ مستحبّةٌ عنْ رسولِ الله صلّى الله عليه وسلّم، وقدْ بيّن الصّحابيّ الجليلُ عليّ بن أبي طالب أنّها ليسَ بحتمٍ أيْ أنّها ليست بواجبة كالصلوات المفروضة، وذلكَ ممّا تعلّمه عنْ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والوترُ هو ما يصلّيه المسلمُ بعدَ صلاة النّفلِ منَ اللّيلِ وعددها عددٌ وتريٌّ ليس بزوجي، كأنْ يصلّيها المسلم ركعةُ أو ثلاثةً أو خمسة وهكذا، وقدْ بيّن عليه السّلامُ أنّ الله هو وترٌ أي يعني أنّهُ فردٌ واحدٌ يحبُ منَ العبدِ أنْ يوترَ، والله تعالى أعلمُ.
ما يرشد إليه الحديث
من الفوائدِ منَ الحديث:
- مشروعية سنّة صلاة الوترِ بعدَ النّافلة منَ اللّيل.
- فضلُ صلاة الوتر وأنّ الله فردٌ وتر يحبّ العبدَ أنْ يوترَ.
