لقدْ كانَ في حديثِ رسول الله صلّى اللهُ عليه وسلّمَ منْ أحكامِ الطّلاقِ الكثيرُ ممّا بيّنهُ لأمّةِ الإسلامِ، وقدْ نقلَ الصّحابةُ رضوانُ اللهِ عليهمْ كثيراً منَ الأحداثِ والأقوالِ عنهُ في هذه الأحكامِ، ومنَ الأحكامِ الّتي بيّنَ عليه الصّلاةُ والسّلامُ مشروعيّتها؛ الخلْعُ، فما الخلعُ؟ وما مشروعيّتهُ في الحديثِ النّبويِّ، تعالوا نستعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديث:
يروي الإمامُ البخاريُّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثنا أزهرُ بنُ جميلٍ، حدّثنا عبدُ الوهّابِ الثّقفيُّ، حدّثنا خالد، عنْ عكرمةَ، عنِ ابنِ عبّاسٍ، أنَّ امرأةَ ثابتِ بنِ قيسٍ أتتِ النّبيَّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ فقالتْ: يا رسولَ اللهِ، ثابتُ بنُ قيسٍ ما أعْتبُ عليهِ في خلقٍ ولا دينٍ، ولكنّي أكرهُ الكفرَ في الإسلامِ، فقال رسولُ الله صلّى اللهُ عليه وسلّمَ: “أتَرُدِّينَ عليهِ حَديقَتهُ؟. قالتْ: نعمْ. قالَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ: “اقْبَلِ الحديقةَ وطلّقْها تطليقةً”)). رقمُ الحديث:5273.
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ المذكورُ قدْ أوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيحِ في كتابِ الطّلاقِ، بابُ: (الخلعِ)، والحديثُ جاء منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ عبدِ اللهِ بنِ عبّاسٍ رضي اللهُ عنهما، وهوَ منَ المكثرينَ في رواية الحديثِ منَ الصّحابةِ عنِ النّبيِّ عليه الصّلاة والسّلامُ، وبقيّةُ رجالِ الحديثِ همْ:
- أزهرُ بنُ جميلٍ: وهوَ أبو محمّدٍ، أزهرُ بنُ جميلِ بنِ جناحٍ الهاشميُّ (ت:251هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ تبعِ أتباع التّابعينَ في رواية الحديث.
- عبد الوهّاب الثّقفيُّ: وهوَ أبو محمّدٍ، عبدُ الوهّابِ بنُ عبدِ المجيدِ الثّقفيُّ البصريُّ (108ـ184هـ)، وهوَ منْ أتباعِ التّابعينَ الثّقاتِ في رواية الحديثِ.
- خالدٌ: وهوَ أبو المنازلِ، خالدُ بنُ مهرانَ الحذّاءُ البصريُّ (ت:141هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ المحدّثينَ المشهورينَ منْ أتباع التّابعينَ.
- عكرمةٌ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، عكرمةُ مولى عبدِ اللهِ بنِ عبّاسٍ الهاشميّ (25ـ104هـ)، وهوَ منْ رواةِ الحديثِ التّابعينَ الثّقاتِ ومنَ المكثرينَ في الرّوايةِ عنْ عبدِ اللهِ بنِ عبّاسٍ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ المذكورُ إلى مشروعيةِ الخلعِ في الإسلامِ، والخلعُ هوَ طلبُ المرأةِ مفارقةُ زوجها بعذرٍ شرعيٍّ كانْ تخافُ منَ الوقوعِ في التّقصيرِ معهُ أوْ أنَّها لا تُطيقُ العيشَ معهُ لسببٍ، فتردُّ عليه الزّوجةُ ما أعطاها ووهبَ لها للزّواجِ منها ثمَّ يطلّقها، وقدْ بيّنَ الحديثُ مشروعيّةَ ذلكَ في قصّةِ امرأةِ ثابتِ بنِ قيسٍ الّتي شكتْ إلى رسول اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ أنَّها لا تعيبُ على زوجها منْ صفاتِ الدّينِ والخلقِ ولكنّها تخشى الوقوعَ في المعصيةِ في عيشها معهُ، فحكمَ بينهما النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ بالخلْعِ بأنْ تردَّ عليه الحديقةَ الّتي وهبها إياه قبلَ الزّواجِ، وأنْ يطلّقها ثابتُ بنُ قيسٍ.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- مراعاةُ الإسلامِ لحقوقِ المرأةِ في الاختيارِ للزّواجِ والطّلاقِ لسببٍ مشروعٍ.
- مشروعيّةُ الخلعِ في الإسلامِ خوفَ الوقوعِ في معصيةِ اللهِ في معاملةِ الأزواجِ مع بعضهم.