لقدْ أخبرَ النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّمَ في حياته بموتِ بعضِ الصّحابةِ بالقتلِ كما أخبرَ بموتُ أناسٍ على الكفرِ، ومنَ الصّحابة الّذينَ أخبرَ النّبيّ عليه وسلّمَ بموته قتلاً عمّارُ بنُ ياسرٍ، وذلكَ ممّا أوحيَ إليه منْ علمِ الغيبِ منَ الله تعالى، وسنعرضُ حديثاً في إخباره عليه الصّلاة والسّلام بمقتلِ عمّار.
الحديث
أوردَ الإمامُ مسلمٌ يرحمهُ الله في الصّحيحِ: ((حدّثنا محمّدُ بنُ المثنّى، وابنُ بشّارٍ ـ واللّفظُ لابنِ المثنّى ـ قالا: حدّثنا محمّدُ بنُ جعفرٍ، حدّثنا شعبةُ، عنْ أبي مسلمةَ، قالَ: سمعتُ أبا نضرةَ يحدّثُ عنْ أبي سعيدٍ الخدريِّ، قال: أخبرني من هوَ خيرٌ منّي، أنّ رسولَ الله صلّى اللهُ عليه وسلّمَ قال لعمّارٍ حينَ جعلَ يحفرُ الخندقَ، وجعلَ يمسحُ رأسهُ ويقولُ: “بؤسَ ابنِ سميّةَ، تقتلكَ فئةُ باغيةٌ”)). رقمُ الحديث: 70/2915.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ يوردهُ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاج النّيسابوريُّ في الصّحيحِ في كتاب الفتن وأشراط السّاعة، بابُ: (لا تقوم السّاعة حتّى يتمنّى الرّجلُ أنْ يكون مكان الميّت)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ أبي سعيد الخدري رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ سعدُ بنُ مالكِ بنِ سنانٍ الأنصاريّ (ت:63هـ)، وهو منَ المكثرينَ في روايةً الحديثِ النّبويِّ الشّريفِ، أمّا بقيّةُ رجالِ سندِ الحديث:
- محمّدُ بنُ المثنّى: وهوَ أبو موسى الزّمنُ، محمّدُ بنُ المثنّى بنِ عبيدٍ العنزيّ(167ـ252هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ رواية الحديثِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- ابنُ بشّارٍ: وهوَ أبو بكرٍ، محمّدُ بنُ بشّارٍ العبديّ (167ـ252هـ)، وهوَ أيضاً منْ ثقات الحديثِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- محمّدُ بنُ جعفرٍ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، غندرٌ، محمّدُ بنُ جعفرٍ الهذليّ (ت: 193هـ)، وهوَ من ثقات المحدّثينَ منْ تبعِ الأتباع.
- شعبةُ: وهوَ أبو بسطامٍ، شعبة بن الحجّاج العتكيُّ (82ـ160هـ)، وهوَ محدّثٌ ثقةُ منْ أتباع التّابعينَ المشهورينَ.
- أبو مسلمة: وهوَ سعيدُ بنُ يزيدَ الأزديّ، وهوَ منْ رواة الحديثِ الثّقات منَ التّابعينَ.
- أبو نضرةَ: وهوَ المنذرُ بنُ مالكِ بنِ قطعةَ العبديُّ (ت: 108هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ التّابعينَ في رواية الحديثِ.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ إلى إخبارٍ بموتِ صحابيٍّ جليلِ قتلاً وهوَ عمّارُ بنُ ياسرٍ، وقدْ أخبرَ النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم أنّ عمّارُ بنُ ياسرَ تقتلهُ الفئةُ الباغيةِ، وقدْ قت لِعمّارُ بنُ ياسرٍ في وقائعِ التّحكيمِ بينَ عليِّ بنِ أبي طالبٍ ومعاويةَ بنِ أبي سفيانَ رضيَ اللهُ عنهما، وقد كان في جيش عليّ، وصدقَ فيه قولُ رسولِ الله صلّى الله عليه وسلّمَ، وقوله عليه الصّلاةُ والسّلامُ لهُ ب (بؤسَ) هوَ ما يستخدمُ لمنْ وقعت في بليّةٌ دونَ ذنبٍ، وقدْ أٌخذ بهذا الحديثُ دليلاً على أنّ عليّ بنَ أبي طالبٍ كانَ على حقٍّ ، لكنّ أهلَ العلمِ ذهبوا إلى أنّهمْ صحابةٌ وقعت بينهمُ الفتنةُ وهمْ مجتهدونَ في اختيارهم، والفئةُ الباغيةُ قدْ تكونُ منَ المسلمينَ ولا يخرجونَ منَ الملّةِ.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائد منَ الحديث:
- صدقِ النّبيِّ عليه الصّلاة والسّلام بالإخبار عنِ الغيب.
- موتُ عمّار بنِ ياسر قتلاً كما أخبرهُ النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام.