لقدْ كانَ لأصحابِ رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّمَ الفضلُ الكبيرُ على أمّةِ الإسلامِ في جمعِ مصادرها منَ القرآنِ الكريمِ والحديثِ النّبويِّ، ليحملوا منْ بعدِ النّبيِّ صلّى الله عليه وسلّمَ أمانةَ نقلها إلى الأجيالِ منْ بعدهمْ، ولقدْ كانَ منْ بينِ الصّحابةِ منْ جمعَ القرآنَ الكريمَ، وسنعرضُ حديثاً فيهم.
الحديث:
يروي الإمامُ البخاريُّ يرحمه الله في صحيحه: ((حدّثني محمّدُ بنُ بشّارٍ، حدّثنا يحيى، حدّثنا شعبةُ، عنْ قتادةَ، عنْ أنسٍ رضيَ اللهُ عنهُ جمعَ القرآنَ على عهدِ النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ أربعةٌ كلّهمْ منَ الأنصارِ؛ أُبيُّ، ومعاذُ بنُ جبل، وأبو زيدٍ، وزيدُ بنُ ثابتٍ. قلتُ لأنسٍ: منْ أبو زيدٍ؟ قال: أحدُ عمومتي)). رقمُ الحديث:3810.
ترجمة رجال الحديث:
الحديث المذكورُ قدْ أوردهُ الإمامُ البخاريُّ موقوفاً في صحيحهِ في كتابِ مناقبِ الأنصارِ، بابُ مناقبِ زيدِ بنِ ثابتٍ رضيَ اللهُ عنهُ، والحديث منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليل خادمِ النّبيِّ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ أنسِ بنِ مالكٍ الأنْصاريِّ، وهوَ منَ المكثرينَ في رواية الحديثِ منَ الصّحابةِ، وبقيّةُ رجالِ السّندِ الأخرونَ هم:
- محمّدُ بنُ بشّارٍ: وهوَ بندارُ، محمّدُ بنُ بشّارِ بنِ عثمانَ العبديُّ (167ـ252هـ)، وهوَ منَ الثّقاتِ الرّواةِ للحديثِ منْ تبعِ أتباعِ التّابعينَ.
- يحيى: وهوَ أبو سعيدٍ، يحيى بنُ سعيدٍ القطّانُ (120ـ198هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ الرّوايةِ منْ أتباعِ التّابعينَ.
- شعبة: وهوَ أبو بسطامٍ، شعبةُ بنُ الحجّاجِ العتكيُّ (82ـ160هـ)، وهوَ منْ كبارِ أتباعِ التّابعينَ الثّقاتِ في رواية الحديث.
- قتادة: وهوَ أبو الخطّابِ، قتادةُ بنُ دِعامةَ السّدوسيُّ (60ـ117هـ)، وهوَ منَ المحدّثينَ الثّقاتِ منَ التّابعينَ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديث إلى جمعِ القرانِ الكريمِ في عهدِ رسول الله صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، والمقصودُ بجمع القرآنِ الكريمِ أي جمعه وفهمهُ غيباً، وقدْ ذكرَ الرّاوي أنَّ منْ جمعهُ في عهدِ رسولِ الله صلّى الله عليه وسلّمَ أربعةٌ هم: أبيُّ بنُ كعبٍ الأنصاريُّ وزيدُ بنُ ثابتٍ الأنصاريُّ وأبو زيدٍ منْ أعمامِ أنسِ بنِ مالكٍ ومعاذُ بنُ جبلِ الأنْصاريُّ وكلُّهمْ منَ الأنصارِ، وقدْ ذكرَ العلماءُ أنَّ الجمعَ ليسَ مقصوراً على هؤلاءِ الأربعةِ فكثيرٌ منَ الصّحابةِ قدْ حفظوه وفهموه لكنَّ أنسَ بنَ مالكٍ أرادَ أنّهُ لمْ يكنْ لقبيلةٍ فضلُ اجتماعِ أربعةٍ في ذلكَ كالأنصارِ ومنهمْ هؤلاءِ الأربعة.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- فضلُ صحابةِ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ في جمعِ القرآنِ.
- اجتماع أربعةِ منَ الأنصارِ في جمع القرآن.