لقدْ بعث اللهُ الأنبياءَ والمرسلينَ برسالة التَّوحيدِ، منْ لدن آدمَ إلى سيِّنا محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلّمَ، وقدْ أوجبّ الإسلامُ علينا الإيمانُ برسالاتهمْ كُلِّها، كما أوجبَ على البشرِ الإيمانَ برسالةِ محمَّدٍ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام، وسنعرضُ في بحثنا هذا حديثاً يدلُّ على وجوبِ الإيمانِ برسالتهِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام.
الحديث:
يروي الإمامُ مسلمُ بنُ الحجَّاجِ يرْحمه اللهُ في الصَّحيحِ: ((حدَّثني يونُسُ بنُ عبدِ الأعلى، أخبرنا ابنُ وهبٍ، قالَ: وأخبرَني عمرو، أنَّ أبا يونُسَ حدَّثهُ عنْ أبي هريرةَ، عنْ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، أنَّهُ قالَ: (والّذي نفس محمَّدٍ بيدهِ، لا يسمعُ بي أحدٌ منْ هذهِ الأمَّةَ يهوديٌّ أوْ نصرانيٌّ، ثمَّ يموتُ ولمْ يؤمن بالّذي أُرسلتُ بهِ إلّا كانَ منْ أصحابِ النَّارِ). رقمُ الحديثِ153)).
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ يرويهِ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجَّاجِ في الصَّحيحِ في كتابِ الإيمانِ، بابُ وجوبِ الإيمانِ برسالةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، والحديثُ منْ طريقِ الصَّحابيِّ أبي هريرةَ عبدِ الرَّحمنِ بنِ صخرٍ الدُّوسيِّ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ منَ المكثرينِ لروايةِ الحديثِ النَّبويِّ عنِ النَّبيِّ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، أمَّا بقيَّةُ رجالِ الحديثِ فهم:
- يونسُ بنُ عبدِ الأعلى: وهوَ يونُسُ بنُ عبدِ الأعلى بنِ ميسرةَ الصدفيُّ المصريُّ (170ـ264هـ)، منْ رواةِ الحديثِ منْ تبعِ أتباعِ التّابعين.
- ابنُ وهبٍ: وهوَ عبدُ اللهِ بنُ وهبٍ القرشيُّ الفهريُّ (125ـ179هـ)، منْ رواة الحديثِ منْ تبعِ أتْباعِ التَّابعينَ.
- عمرو: وهوَ عمرو بنُ الحارثِ الأنصاريِّ(92ـ148هـ)، وهوَ منْ أتباعِ التَّابعينَ في رواية الحديث.
- أبو يونسَ: وهو سليمُ بنُ جبيرٍ الدُّوسيُّ (ت123هـ)، وهوَ منَ التَّابعينَ في الرِّوايةِ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى وجوبِ الإيمانِ برسالةِ الإسلامِ وهي ما جاءَ بها النَّبيُّ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وهي خاتمةُ الرِّسالاتِ السَّماويَّةِ، فأيٌّ منَ البشرِ لحقَ بها وسمعَ عنها وماتَ على عدمِ الإيمانِ بها ماتَ على الكفرِ وهوَ منْ أصحابِ النَّارِ، لأنَّ منْ نواقضِ الإيمانِ والدُّخولِ في غيرِهِ عدمُ الإيمانِ برسالةٍ منَ الرِّسالات السَّماويَّةِ، وكما أنَّ الإسلامَ يوجبُ الإيمانَ بكلِّ الرُّسلِ والرِّسلاتِ، فكانَ منَ الواجبِ الإيمانُ بالرِّسالةِ الخاتمة لها.
ما يرشد إليه الحديث:
يرشدُ الحديثُ المذكورُ إلى عدَّةِ أمورٍ منها:
- الإيمانُ بالرُّسلِ يقتضي الإيمانُ بها كٌلُّها.
- وجبَ على الخلقِ الإيمانُ برسالة سيِّدنا محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.
- منْ ماتَ على غير الإيمانِ برسالة الإسلامِ فهوَ منْ أصحابِ النَّار.