لقدْ كانَ لعباداتِ الإسلامِ منْ حديثِ النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ كثيراً منَ الشّواهدِ الّتي تبيّن أركانها وسننها، وقدْ بيّنها عليه الصّلاةُ والسّلامُ للصّحابة الكرامِ ليعلّموها للنّاسِ كما فعلها النّبيُّ عليه الصّلاةُ والسّلام، ومنْ واجباتِ الصّلاةِ قراءة الفاتحة، وسنعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديث
أوردَ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاج يرحمهُ اللهُ في الصّحيح: ((حدّثنا أبو بكرِ بنُ أبي شيبةَ، وعمرو النّاقدُ، وإسحاقُ بنُ إبراهيمَ جميعاً، عنْ سقيانَ، قالَ أبو بكرٍ: حدّثنا سفيانُ بنُ عيينةَ، عنِ الزّهريِّ، عنْ محمودِ بنِ الرّبيعِ، عنْ عبادةَ بنِ الصّامتِ يبلُغُ بهِ النّبيَّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ: “لا صلاةَ لِمنْ لمْ يقرأ بفاتحةِ الكتابِ”)). رقمُ الحديث: (34/394).
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ أوردهُ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاجِ النّيسابوريُّ في صحيحه في كتابِ الصّلاةِ، بابُ: (وجوبُ قراءة الفاتحةِ في كلِّ ركعةٍ)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ عبادةَ بنِ الصّامتِ بنِ قيسٍ الأنصاريِّ رضيَ اللهُ عنه، وهوَ منَ الرّواةِ للحديثِ منَ الصّحابةِ، أمّا بقيّةُ رجالِ سند الحديثِ:
- أبو بكر بنُ أبي شيبةَ: وهوَ عبدُ اللهِ بنُ محمّدِ بنِ إبراهيمَ العبسيُّ (159ـ235هـ)، وهوَ منْ رواةِ الحديثِ الثّقاتِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- عمرو الناقد: وهوَ عمرو بنُ محمّدِ بنِ بُكيرِ النّاقدُ البغداديُّ (ت: 231هـ)، وهوَ منْ رواةِ الحديثِ منْ ثقاتِ تبعِ الأتباع.
- إسحاقُ بنُ إبراهيمَ: وهوَ أبو يعقوبَ، إسحاقُ بنُ إبراهيمَ بنِ مخلدٍ الحنظليُّ (161ـ237هـ)، وهوَ أيضاً منْ ثقاتِ رواةِ تبعِ الأتباعِ.
- سفيانُ: وهوَ أبو محمّدٍ، سفيانُ بنُ عيينةَ بنِ أبي عمرانَ الهلاليُّ (107ـ198هـ)، وهوَ منْ مشاهيرِ ثقاتِ المحدّثينَ منْ أتباعِ التّابعينَ.
- الزّهريُّ: وهوَ أبو بكرٍ، محمّدُ بنُ مسلمٍ الزّهريُّ القرشيُّ (50ـ125هـ)، وهوَ منْ كبارِ التّابعين الثّقاتِ في الحديث.
- محمودُ بنُ الرّبيعِ: وهوَ أبو نعيم، محمودُ بنُ الربيعِ بنِ سراقةَ الأنصاريُّ (6ـ99هـ)، وهوَ منَ التّابعينَ الثّقات في رواية الحديث.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ إلى وجوبِ قراءة الفاتحة في الصّلاة، وقدْ ذهب أكثرُ أهلِ العلمِ إلى وجوبِ قراءة أمِّ الكتابِ وهي الفاتحة في كلِّ ركعةِ منْ ركعاتِ الصّلاةِ، وأنّه لا صلاةَ مقبولة بغير قراءتها، وقدْ ذهبَ بعضُ أهلِ العلمِ إلى عدمِ وجوبها ومنهم الأحنافُ مستدلّينَ بحديثه عليه الصّلاة والسّلام (اقرأ ما تيسّر )، وهوَ مخالفٌ لقولِ الجمهورِ وما استندوا عليه في هذا الحديث، كما ذهبَ بعضُ أهلِ العلمِ ومنهم سفيانُ الثّوريُّ والأوزاعيُّ إلى عدمِ وجوبِها في الرّكعتين الأخيرتينِ، ولكنَّ ما أجمعَ عليه أهلُ العلمَ بالأكثريّةِ هوَ وجوبها في كلِّ ركعةٍ، والله تعالى أعلم.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- تعليمُ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ صحابته أحكام الصلاة لينقلوها للأمة.
- وجوب قراءة الفاتحة في كلّ ركعة.