حكم زكاة المال المحرم

اقرأ في هذا المقال


الزكاة عبادة مالية فرضها الله عز وجل في المال النامي الذي بلغ النصاب، وتم ملكه لصاحبه، لكن قد يحصل بعض الناس على بعض الأموال من مصادر محرمة وغير مشروعة، وقد تنطبق على هذه الأموال المحرمة شروط وجوب الزكاة، حيث يمر عليها الحول عند الشخص، وتبلغ حد النصاب المحدد لوجوب الزكاة، فما حكم الزكاة في المال المحرم؟

ما هو المال المحرم؟

المال المحرم هو المال الذي حُرم على المسلم أن ينتفع به، أو يتملكه، ويكون على صورتين، وهما:

المال المحرم لذاته:

هو المال الذي حرمه الشرع، ويعود تحريمه لسبب موجود في نفس المال المحرم أي هو مال محرم لأصله، ولا يُعتبر من المال المتقوم في نظر الإسلام، لذلك هو ليس من الأموال محل الزكاة، ومن واجب المسلم تجاه هذا المال إبعاده والتخلص منه، كما أقر الشرع التعامل معه مثل لحم الخنزير والخمور والنبيذ.

المال المحرم لغيره:

هو المال الذي حرمه الشرع، ويعود سبب تحريمه لوصفه، فقد يقع حدث طارئ لهذا المال يجعل منه مالاً غير مشروع، رغم مشروعية أصل هذا المال، مثل الأموال التي يخلطها صاحبها بمال الربا، والمال المغتصب أو المسروق.

ما حكم الزكاة في المال المحرم؟

كان لأهل العلم في حكم زكاة المال المحرم رأيان، وهما:

الرأي الأول: عدم وجوب الزكاة في المال المحرم:

وكان هذا رأي أغلب الفقهاء السابقين، والفقهاء المعاصرين، فقالوا بأنّ الزكاة عبادة تجب في المال الذي تم ملكه لصاحبه المسلم، إلا أنّ المال المحرم هو مال لا تثبت ملكيته للشخص الذي يحصل عليه، لذلك لا بد له من التخلص من هذا المال المحرم.

كما أنّ المال المحرم مال خبيث، ولا يجوز تأدية عبادة الزكاة من خبيث، حيث قال رسول الله _صلى الله عليه وسلّم_: “إنَّ الله طَيّبٌ لا يَقْبَلُ إِلّا طيّباً” رواه البخاري.

وردّ بعض علماء الفقه على هذا الرأي بأنّ المال إذا كان محرماً لغيره، فلا يتنافى مع تمام ملكيته، حيث يتملكه الشخص الحاصل عليه من خلال العقد عليه، أمّا المال المحرم لذاته فهذا مال محرم لا تجوز حيازته، ويجب التخلص منه بمجرد الحصول عليه.

الرأي الثاني: وجوب الزكاة في المال المحرم:

كان سبب وجوب الزكاة في المال المحرم، حسب رأي بعض علماء الفقه، أنّه لو لم توجب الزكاة في الأموال المحرمة، لكان ذلك حافزاً للناس للإقبال على تملكه والحصول عليه. وقاسوا زكاة المال المحرم على وجوب الزكاة في الحلي المحرم.

وكان لذلك ردّاً من فقهاء آخرون وهو أنّ عدم وجوب الزكاة في المال المحرم لا يعني جواز تملّك تلك الأموال وأخذها، بل أوجب الإسلام على المسلم التخلص منها وعدم تملكها، وأنّ إخراج الزكاة من المال المحرم ليس سبباً لتشريع ملكيته، فقد يكون هذا هو سبب إقبال الناس على المال المحرم، ويُعتبر هذا المبرر لوجوب الزكاة في المال المحرم اعتراف بمشروعيته.

كما أنّ التبرير الذي تعلق بالقياس على زكاة الحلي المحرم، فالمقصود هنا ليس الحلي الذي جاء من صنعة محرمة، فهذا مال محرم يجب التخلص منه، وإنما الحلي الذي حصل عليه صاحبه بطريقة مشروعة، وكان التحريم يتعلق باستعمال هذا الحلي وليس بالحلي بعينه.

ورجح جمهور الفقهاء الرأي الأول في حكم زكاة المال المحرم وهو عدم الوجوب، بسبب قوة الأدلة التي جاء بها أصحاب الرأي الأول، وإيجاد الرد المقنع على أدلة الرأي الثاني.


شارك المقالة: