رغم أنّ المصارف التي تستحق أموال الزكاة محددة في الشرع، إلا أنه خلال هذه الأيام ظهرت أصناف جديدة غير قادرة على توفير حاجياتها، أو حتى قوت يومها، وفي القياس على ما تمر به هذه الأصناف من ظروف، نجد أنها قد تستحق من أموال الزكاة، مثل العامل العاطل عن العمل؛ بسبب الظروف السائدة، والتي تتمثل في كثير من الأزمات والعوائق التي تحول دون إيجاد بعض الناس لمصدر رزق يعملون فيه، رغم أنهم قادرون على ذلك، فما حكم صرف أموال الزكاة للعمال العاطلين عن العمل؟
مصارف الزكاة:
بيّن الله تعالى المصارف التي تستحق لأموال الزكاة في كتابه العزيز بقوله تعالى:” إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ” في سورة التوبة آية 60، ويتبيّن لنا من هذه الآية الكريمة أن الغني أو القادر على العمل والكسب، لا يستحق من أموال الزكاة.
وهذا مما تبيّن لنا في قول رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: “لا تحلّ الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي” سنن أبي داوود والترمذي، أي أنّ الغني لا يأخذ من أموال الزكاة، ومثله الإنسان ذو الجسم القوي، والصحة السليمة والقادر على العمل.
حكم صرف أموال الزكاة للعمال العاطلين عن العمل:
نستطيع استنتاج أمر آخر من النصوص الشرعية السابقة، لتوضيح مسألة صرف أموال الزكاة للعاطلين عن العمل، وهو أنّ المسلم الذي يجد طريق للعمل والكسب، لاستمرار العيش والقدرة على توفير متطلبات الحياة، لا يستحق من أموال الزكاة، لكن إذا واجه المسلم ظروفاً وعوائق تحول دون إيجاده للعمل الذي يكسب من ورائه قوت يومه، يستحق أن يأخذ من أموال الزكاة، وإن كان قادراً على العمل، لكنه لا يجده.
وهذا الحال ينطبق في أيامنا هذه على الكثير من العمال، الذين لا يجدون قوت يومهم، وقوت من يُعيلون من أسرهم، ولا سبيل لإعانتهم إلّا من أموال الزكاة والصدقات، لتغطية احتياجاتهم، وتأمين عيشهم.
ومن الممكن أن نُؤيد هذا الرأي من خلال الحديث الشريف، عن عبدالله بن عدي أنه قال: “أخبرني رجلان أنهما أتيا رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ في حجة الوداع وهو يقسم الصدقة فسألاه منها فرفع فينا البصر وخفضه فرآنا جلدين _أي قويين_ فقال: إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب” سنن أبي داود والنسائي.