ما زلنا نجوب في ديار المحدّثين، نستكشف في سِيَرِهم عن علمٍ زاخرٍ بحديث رسولِ الله صلّى الله عليه وسلّم فمرَرْنا بديار الصّحابة الأجلّاء رضي الله عنهم الّذين وهبوا حياتهم في ملازمة الحبيب المصطفى عليه الصّلاة والسّلام وكانوا يتزاحمون في الرّواية عنه وعن بعضهم البعضِ ثمّ أخذّتنا طريق الرّحلة إلى التّابعين من بعدهم ذلك الجيل الخَيِرُ من أخذوا الحديث النّبويّ الشريف عن الصّحابة رضوان الله عليهم فكانوا أُمَناءَ على ما وصلَهُم من العلم والرّواية، ونحطُّ رحالنا عند راوٍ منهم: إنّه حُمرانُ بنُ أبانٍ رحمه الله فتعالوا نقرأ في سيرته العطرة.
نبذة عن حمران بن أبان
هو: التّابعيّ الجليلُ، حُمرانُ بنُ أبانَ بن خالدٍالنّمريُّ، كان مولى للخليفة الرّاشديّ عثمان بن عفان رضي الله عنه، وحدّث عنه المؤرخون كثير من المواقف والسِير في فضله، وكان من السّبيّ لخالد بن الوليد رضي الله عنه في معركة عين التّمر وابتاعَه عثمان بنُ عفّانٍ من المُسَيّبِ بنِ نُجبَةٍ وجعل منه كاتباً له، وكانَ يُسمّى خاتَمُ عثمان وأخّذَ كثيراً من علمه في الحديث النبوي الشريف وكانت وفاتُه في العام الخامسِ والسّبعين من الهجرة رحمه الله تعالى.
روايته للحديث
كان حُمْرانُ بنُ أبانٍ من رواة الحديث النبوي الشريف عن الصحابيّ عثمانِ بنِ عفّانٍ وعن معاوية بن أبي سفيان، ومع التقائه بكثير من الصّحابة رضوان الله عليه كأبي بكرٍ وعمر وعثمان وعليّ وغيرهم لكنّه لم يروِ عن غيرعثمانَ ومعاوية ، وقد أورده الإمام الذّهبيّ من الثّقات كما روى له الإمام البخاريّ في باب الَضّعفاء واحتج بروايته الإمام مسلم بن الحجّاج في صحيحه، وممّن قال بثقَتِه بالرّواية الإمام ابن حِبّانٍ ، وكان قليلَ الحديث وروى حديث وضوءِ النّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم عن عثمان بن عفّان.
من رواية حمران من الحديث
ممّا ورد من رواية الحديث من طريق حُمْرانَ بنِ أبانٍ ما أورده الإمام مسلم في صحيحه: (( حدّثنا عُثمانُ بنُ حكيمٍ حدّثنا محمّدُ بنُ المنكَدِر عن حُمرانَ عنْ عُثمانَ بنِ عفّانَ قالَ: قالَ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ( منْ تَوضَأ فأحْسَنَ الوُضوءَ خَرَجَتْ خَطاياهُ منْ جَسَدِهِ حتّى تَخْرُجَ منْ تَحْتِ أظْفارِهِ)، من كتاب الطّهارة، رقم الحديث 245)).