حملة هدم العزی:
جرت العديد من الحملات والسرايا في عهد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكان الهدف من تلك الحملات والسرايا هو إيقاف كل من يشكل خطراً على دين الإسلام ودولة المسلمين، وكان من تلك الحملات هي حملة هدم العزى.
هدم العزی:
جرت حملة هدم العزى في الخامس والعشرين من شهر رمضان المبارك في العام الثامن للهجرة النبوية الشريفة، وقت قام بهذه الحملة دورية قتالية تتكون من ثلاثين مقاتلاً من المسلمين، وكان على رأسهم القائد الشجاع الصحابي الجليل سيدنا خالد بن الوليد رضي الله عنه والذي قد كلفه الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بهدم صنم العزى، وهو صنم يعتبر من أعظم الأصنام عند قبيلة قریش.
وقد ذكر أصحاب المغازی والسير أنّ الصحابي الجليل سيدنا خالد بن الوليد رضي الله عنه قد سار بمقاتليه إلى صنم العزى ومقامة موجود بأحد روافد وادي نخلة والذي يسمّى اليوم بوادي اليمانية فعندما وصل إليها هدمها.
وقد قال الواقدي: “قدم رسول الله عليه وسلم مكة يوم الجمعة لعشر ليال بقين من رمضان في السرايا في كل وجه، أمرهم أن يغيروا على من لم يكن على الإسلام فخرج هشام بن العاص إلى يلملم وبعث خالد بن سعيد بن العاص في ثلاثمائة قبل عرنة، وبعث خالد بن الوليد إلى العزى يهدمها”.
وقال ابن إسحاق:” كانت بنخلة، كانت بيتاً يعظمه هذا الحي من قريش وكنانة ومضر كلها، وكانت سدنتها وحجابها من بنی شیبان من بني سليم، فلما سمع صاحبها ( أي سادنها ) السلمى بمسير خالد إليها، وأسند في الجبل الذي هي فيه وهو يقول:
أيا عزّ شدی شدة لا شوى لها على خالد ألقى القناع وشمری
يا عزّ إن لم تقتلي المرء خالداً فبوئي بذنب عاجل أو تنصرى”
فعندما وصل إليها الصحابي الجليل خالد بن الوليد رضي الله عنه قام بهدمها، وبعد ذلك عاد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان في رواية بعض المؤرخين، أن الصحابي الجليل خالد بن الوليد عندما هدم صنم العزى ومن ثم عاد إلى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم و قال له: “هدمت ؟ قال : نعم يا رسول الله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل رأيت شيئا ما ؟ قال: لا. قال: فارجع فإنك لم تهدمها”، حينها رجع إليها وقام بهدمها.
وعندما رجع خالد بن الوليد رضي الله عنه وهو في أشد غضبه، فعندما وصل رضي الله عنه إليها جرّد سيفه، لكن بعد ذلك خرجت إليه امرأة ذات بشرة سوداء عارية، وقد كانت ناشرة الرأس فجعل السادن يصيح بها.
ومن ثم قال السادن:
“ا عزّ شدی شدة لا تكذبي على خالد ألقى القناع وشمری
يا عزّ إن لم تقتلي المرء خالداً فبوئي بذنب عاجل أو تنصرى”
ولكن بعد ذلك أقبل الصحابي الجليل خالد بن الوليد بسيفه إليها وكان يقول:
“يا عزّ كفرانك لا سبحانك إني وجدت الله قد أهانك”
فقام وضربها بسيفه ومن ثم عاد رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما حدث فقال: “نعم تلك العزى وقد يئست أن تعبد ببلادك أبداً ثم قال خالد: أي رسول الله ، الحمد لله الذي أكرمنا وأنقذنا من الهلكة. إني كنت أرى أبي يأتي إلى العزى بحتره ) . مائة من الإبل والغنم فيذبحها للعزى ويقيم عندها ثلاثا ثم ينصرف إلينا مسروراً، فنظرت إلى ما مات عليه أبي وذلك الرأى الذي كان يعاش في فضله، كيف خدع حتى صار يذبح لحجر لا يسمع ولا يبصر، ولا يضر ولا ينفع. فقال رسول الله عليه وسلم: إنّ هذا الأمر إلى الله، فمن يسره للهدی تيسر ، ومن يسره للضلالة كان فيها “.
وقد كان هدم صنم العزى لخمس ليال التي بقيت من شهر رمضان الكريم وكان ذلك في السنة الثامنة للهجرة النبوية الشريفة.
وقد كان صاحب السدانة عندها رجل يدعى “أفلح بن نضر الشيباني من بني سليم”، فعندما حضرته الوفاة دخل عليه وكان في حزنٍ كبير، فقال له أبو لهب: “مالي أراك حزيناً ؟ قال: أخاف أن تضيع العزى من بعدی. قال أبو لهب: فلا تحزن ، فأنا أقوم عليها بعدك”. فجعل كل من لقى قال: “إن تظهر العزي کنت قد اتخذت يداً عندها بقيامي عليها، وأن يظهر محمد على العزی – ولا أراه يظهر – فابن أخي”. فأنزل الله عز وجل: “تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ”، ويقال: “إنه قال هذا في اللات”.