يقول الله تبارك وتعالى في محكم التنزيل: “إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ” سورة الغاشية: الآية من 25_ 26، كما وقال الله تعالى أيضاً: “وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ” سورة الرعد، الآية 21.
ما هو دعاء الحساب اليسير
يتقرب الفرد المسلم من الله تبارك وتعالى وهذا من خلال فعل الطاعات واجتناب ما نهى عنه تبارك وتعالى، حيث أنَّ الدُعاء أحد الوسائل التي يقترب بها العبد من الله عز وجل، وكل فرد مسلم يتمنى أن يدخل الجنة بدون الحساب والعقاب، أو بحساب يسير، ومن الممكن أن يتحقق ذلك بفعل الطاعات والعبادات واجتناب النواهي، إلى جانب الدُعاء، ففي هذا المقال سوف نتناول الدُعاء الذي يتضمن طلب الفرد المسلم من الله تبارك وتعالى الحساب اليسير والسهل.
توجد العديد من الصيغ للدعاء الذي يتضمن طلب وسؤال العبد المسلم من الله جلَّ جلاله أن يُحاسبه يوم الحساب باليسر والسهولة، ومن بين تلك الصيغ على النحو الآتي:
- أن يقول العبد المسلم طالباً من الله عزَّ وجل الحساب اليسير يوم الحساب: “اللَّهُمَّ حَاسِبْنِي حِسَابَاً يَسِيرَاً”.
ففي رواية عن السيدة عائشة زوجة النبي الكريم رضوان الله عليها، أنَّها قالت: قال رسول الله صلَّ الله عليه وسلَّم: “مَن نوقش الحساب عُذب”، حيث تقول رضوان الله عليها: قُلتُ: يا رسول الله، أفليس قال الله تعالى: “فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا”، فردَّ عليها النبي الكريم عليه السلام: “ليس ذاك بالحساب، ولكن ذلك العَرْض، من نوقش الحساب يوم القيامة عذب”.
والسبب الذي يعود وراء هذا الدُعاء العظيم، هو أنَّ السيدة عائشة رضوان الله عليها قد سمعت سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام يقول في بعض صلاته: (اللَّهم حاسبني حساباً يسيراً)، وعندما انصرف عليه السلام قالت له: يا رسول الله ما الحساب اليسير؛ بمعنى أنَّها تسأله عن كيف يكون الحساب اليسير؟، فردَّ عليه النبي عليه السلام: “أن ينظر في كتابه فيتجاوز له عنه إنه من نوقش الحساب يا عائشة يومئذ هلك”.
حيث بيَّن ووضح سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام المعنى الذي يكمن خلف هذا الدُعاء العظيم، أنَّ الحساب اليسير هو ذلك الحساب الذي من خلاله تُعرض كافة الذنوب التي ارتكبها الفرد العبد المؤمن على الله تبارك وتعالى، وبعدها يغفر له الله جلَّ جلاله وهذا بعد أن يخلو الله بعبده وهذا دون أن يُشاهده أحد، حيث يقول عليه السلام في هذا الصدد: “يَدْنُو أَحَدُكُمْ مِنْ رَبِّهِ، حَتَّى يَضَعَ كَنَفَهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولُ: عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، وَيَقُولُ: عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: نَعَمْ فَيُقَرِّرُهُ، ثُمَّ يَقُولُ: إِنِّي سَتَرْتُ عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، فَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ”.
ومن الواجب التنبيه إلى أنَّ العبد المؤمن المسلم يدعو الله تبارك وتعالى بنية خالصة وهذا حتى يأمل في استجابة الله تبارك وتعالى له هذا الدُعاء، ويجب التنويه أيضاً إلى أنَّ العبد المسلم عندما يسأل الله جلَّ جلاله لكي يُحاسبه حساب يسير لا بُدَّ وأن يدعو بصيغ مختلفة وليست بصيغة دعاء مشروطة، وهذا كأن يقول في دُعاءه: “اللَّهُمَّ يسر حسابي ولا تُعذبني“.
- أو أن يقول في دُعاءه:” اللَّهُمَّ إني أسألك الحساب السهل“.
- أن يقول العبد المسلم في دعاءه: “اللَّهُمَّ إنّي أسألك دخول الجنة العُليا بدون حساب ولا عقاب يا كريم“.
- أن يقول العبد المسلم في دعاءه: “اللَّهُمَّ إنّي أسألك أن تُبعد جسدي عن النار“.
- أن يقول العبد المسلم في دعاءه: “اللَّهُمَّ إنّي أسألك تلك الأعمال التي تُقربني إليك وتُبعدني عن الحساب الصعب“.
- أن يقول العبد المسلم في دعاءه:” اللَّهُمَّ إنّي أسألك أن أوتي كتابي بيميني، وتبعدني عن كل شر وكذل معصية وكل ذنب أحاسب به حساباً صعباً“.
وللحساب يوم القيامة نوعان، الأول: هو حساب العرض، وهو أن تُعرض كافة الأعمال على العبد فقط، وفي هذا الحساب لا يوجد به نقاش بتاتاً، كما ولا يوجد به أيضاً المطالبة بنتائج النعيم، والنوع الثاني، وهو: حساب النقاش، حيث أنَّ في هذا النوع من الحساب توجد به المطالبة بنتائج النعيم، حيث أنَّ صاحب هذا النوع من الحساب هالك لا محالة، ولكي يُحاسب العبد الحساب اليسير لا بُد له أن يؤدي كافة حقوق الله تبارك وتعالى، كالصلاة وغيرها، ومن ثم حقوق الآدميين وحقوق الأمم والناس.