وقام المسلمون بعد انصراف قوات قريش بالطواف بين الجرحى والقتلى، حتى يتمكن المسلمون من إنقاذ أي جريح فيه رمق يسير.
دفن الشهداء
وكان بعض من الصحابة الكرام قاموا بنقل القتلى إلى المدينة المنورة، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يردوهم ويدفنوهم في مضاجعهم من دون أن يغسلوهم، وأن يقوموا بدفن الشهداء كما هم بثيابهم من بعد أن ينزعوا الجلود والحديد.
وكانوا يدفون في القبر الواحد من الشهداء أثنين أو ثلاثة، ويُجمَعُ ثوبٌ واحدٌ بين الرجلين، وكان قد دفن عبد الله بن عمرو وعمرو بن الجموح معاً في قبر واحد لما كان بينهما من المحبة الأخوية الكبيرة.
وتفقد المسلمون نعش حنظلة، فوجدوا نعشه في ناحية من فوق الأرض يقطر منه الماء، عندها أخبر النبي أصحابه الكرام بأنّ الملائكة تغسله، لهكذا سمي حنظلة (غسيل الملائكة).
وكان النبي في حالة حزن شديدة لما رأى ما بحمزة بن عبد المطلب والذي هو عمه وأخوه من الرضاعة، وقد جاءت عمّة النبي صفية وقامت بالصلاة على أخيها ودعت له واسترجعت واستغفرت له، وطلب النبي صلى الله عليه وسلم أن يدفن الصحابي حمزة بن عبد المطلب مع الصحابي عبد الله بن جحش رضي الله عنهم الذي كان ابن أخته وأيضاً أخوه من الرّضاعة.
ولم يرَ الصحابة رسول الله باكياً مثلما كان يبكى على حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، وعندما دفن وضعه في اتجاه القبلة، ووقف سيدنا محمد على جنازة حمزة وانتحب ( أي تنفس شديداً وطويلاً)، حتى نشع ( الشهيق) سيدنا محمد من البكاء.
حيث كان منظر الشهداء مخيفاً جداً يفتت الأكباد، حتى أنّ بعض الصحابة لم يوجد لديهم كفن، وكفن سيدنا حمزة بن عبد المطلب بردة ملحاء، إن غطي من رأسه ظهرت رجليه، وإن غطي من رجليه ظهر رأسه، حتى مدّت على رأسه وجعل على قدمي حمزة الإذخر.
و قد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يُفعَلَ نفس الشئ مع الصحابي الجليل مصعب بن عمير رضي الله عنه وأرضاه، لعدم وجود كفن له، فوضعوا عليه بردة ملحاء، إن وضعت من رأسه ظهرت رجليه وإن وضعت من رجليه ظهر رأسه.