رجوع النبي من غزوة تبوك:
عاد الجيش الإسلامي من تبوك إلى المدينة المنورة مظفرين بنصر من الله لم يلقوا فيه أي كيد، حيث كفى الله المؤمنين القتال.
وفي أثناء مسيرهم في الطريق عند عقبة حاول عدّة رجال من الرجال المنافقين أن يفتكوا بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك أنه حينما كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يسير بناحية تلك العقبة كان مع النبي عمار يقود زمام ناقته، وكان حذيفة ابن اليمان يسوقها، حينها أخذ الجيش بطن الوادي، ووقتها انتهز هؤلاء المنافقين تلك الفرصة.
وعندما كان رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم وصاحباه يكملان مسير الطريق إذ سمعوا المشركين من ورائهم، كانوا قد جاؤوه وغشوه وهم ملثمين الوجوه، فأرسل النبي الصحابي حذيفة بن اليمان حتى يضرب وجوه رواحلهم بمحجن كان معه، حينها أصابهم رعب وخوف من الله، فما كان لهم إلّا أن أسرعوا في الهرب حتى لحقوا بالقوم.
وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسمائهم، وبما قاموا بفعله، ولهذا كان حذيفة بن اليمان يسمّی (صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وفي ذلك الأمر يقول الله سبحانه تعالى: ( يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا ۚ وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ ۚ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ ۖ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ)…سورة التوبة: ۷۹.
وعندما كان النبي محمد صلى الله عليه على مشارف الوصول إلى المدينة المنورة ولكن من بعيد قال النبي حينها: “هذه طابة، وهذا أحد، جبل بحبنا ونحبها”، وبعد ذلك وصلت أخبار إلى الناس بقدوم خير الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، عندها همّت النساء والصبيان والولائد بالخروج حتى يستقبلوا الجيش الإسلامي بحفاوة وسعادة كبيرة وبالغة، وكانوا يقولوا:
طلع البدر علينا من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ما دعى لله داع
أيّها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع
جئت شرّفت المدينة مرحباً يا خير داع
وكان رجوع النبي محمد صلى الله عليه وسلم من تبوك ودخوله إلى المدينة المنورة في شهر رجب من السنة التاسعة للهجرة النبوية الشريفة، حيث استغرت هذه الغزوة مدة خمسين يوماً، كان النبي قد أقام عشرين يومٍ منها في تبوك، أمّا باقي الأيام قضاها النبي في الطريق في المسير ذهاباً وأياباً، وكانت غزوة تبوك أخر غزوات النبي محمد صلى الله عليه وسلم.