رحمة النبي محمد عليه الصلاة والسلام بالعبيد

اقرأ في هذا المقال


رحمة النبي محمد عليه الصلاة والسلام في العبيد:

كان للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم العديد من الوصايا والفضائل التي كان يحث صحابته الكرام رضوان الله عليهم وجميع الناس على قولها وفعلها والقيام بها، لما لتلك الوصايا فضل في رفعة الإنسان المسلم في الدنيا والآخرة، ولما لها من نفعه كبيرة وأجر عظيم له.
كلما قلبنا في النظر في السيرة العطرة والشمائل الكريمة للحبيب المصطفى سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ نجد الكمال في أخلاقه عليه الصلاة والسلام، ونجد السمو في تعاملات النبي في كل حياته مع كل البشر، فكمالات خُلُق سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ هي آية كبرى، وهي أيضاً علامات من أعلام نبوته عليه الصلاة والسلام، وقد مدحه الله ـ عز وجل ـ في كتابه الكريم وذلك بقوله سبحانه وتعالى:{ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ }(القلم:4) . وأيضاً من الكمال والجمال الخُلُقي الذي تحلى وتجمل به رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم – هو خُلُقُ الرحمة والرأفة.
كما ظهرت وتجلّت مظاهر رحمة سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ أيضاً بالخدم والعبيد بعد أن جعل لهم حقوقاً كغيرهم من البشر وعاملهم سواسية مثل بقية الناس لا تمييز بينهم، وأقد أمر عليه الصلاة والسلان بالرفق بهم، بل أنه قد حث عليه الصلاة والسلام على تحرير العبيد من رقهم.
لقد تبيّن اهتمام رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالعبيد في العديد من مناحي حياته، وقد أوصى النبي الكريم بهم خيراً عند موته، فعن علي ـ رضي الله عنه ـ قال: “كان آخر كلام رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ الصلاة الصلاة، اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم “( رواه أحمد ).
وقد حذر النبي الكريم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ من ضرب العبيد أو إيذائهم، فعن الصحابي أبي مسعود الأنصاري ـ رضي الله عنه ـ قال: “كنت أضرب غلاماً لي، فسمعتُ مِنْ خَلْفِي صوتا: اعلم أبا مسعود: لله أَقدر عليك منك عليه، فالتفت فإذا هو رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، هو حر لوجه الله . فقَال: أما إنك لو لم تفعل للفحتك النار أَو لمستك النار ” ( مسلم ) .
كما أن الرسول الكريم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ حثنا على التعامل الحسن معهم حتى في الألفاظ وأيضاً في التعبيرات، فعن الصحابي أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: “لا يقولن أحدكم عبدي وأمتي، كلكم عبيد الله، وكل نسائكم إماء الله، ولكن ليقل غلامي وجاريتي، وفتاي وفتاتي ”  (صحيح مسلم) .
وقد جعل النبي الكريم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ كفارة لمن يضرب العبد وهي أن يعتقه، فعن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: ” من لطم مملوكه أو ضربه فكفارته أن يعتقه “( مسلم ).
كما أن النبي الكريم محمد نهى ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن تكليف العبيد والخدم بأي عمل شاق يفوق طاقتهم وقدراتهم، أو الدعاء على الخدم والعبيد، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: “لا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم” (البخاري).
ومن الأحاديث الدالة على ذلك الأمر هو ما روي عن الصحابي جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ قَال: قَال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: “لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله تبارك وتعالى ساعةَ نيل فيها عطاء فََيستجيب لكم “.( أبو داود ).
وكان النبي الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم – يوصي أصحابه الكرام بالعفو عن إساءة الخدم وعن خطئهم، فعن الصحابي عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال: “جاء رجل إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: يا رسول الله كم نعفو عن الخادم؟ فصمت، ثم أعاد عليه الكلام فصمت، فلما كان في الثالثة قال: اعفوا عنه في كل يوم سبعين مرة “( أبو داود ).
وأمر النبي الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم – بالإحسان وحسن المعاملة إلى العبيد والخدم، والأهم أيضاً هو عدم الاستهزاء بهم، بل وجعل لهم حقوق مثل إطعامهم وإلباسهم من نفس طعامنا ولباسنا، فعن المعرور بن سويد قال: ” لقيت أبا ذر بالربذة (موضع قرب المدينة)، وعليه حُلَّة (ثوب) وعلى غلامه حُلة، فسألته عن ذلك فقال: إني ساببت رجلاً، فعيرته بأمه، فقال لي النبي – صلى الله عليه وسلم -: يا أبا ذر أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك  جاهلية، إخوانكم خَوَلُكُم (خدمكم وعبيدكم)، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم “( البخاري ).


شارك المقالة: