هناك العديد من التجار الذين يشكون كساد بضائعهم، وتوقف تجاراتهم، بسبب ظروف معيّنة تسود بلادهم، ولم يتمكن العديد منهم من بيعها أو التخلّص منها ولو بأقل الأسعار، ومضى عليها العديد من السنوات، فما حال إخراج الزكاة في هذه الحال؟
حكم إخراج زكاة البضائع الكاسدة:
بناءً على ما ورد من أدلّة ونصوص شرعية فإنّ الزكاة واجبة في عروض التجارة، حيث قال الله تعالى في سورة البقرة آية 267: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ”، كما ورد الكثير من الأدلّة في السنة النبوية الشريفة على وجوب الزكاة في أموال التجارة، وهذا ما أجمع عليه علماء الفقه في حكم زكاة الأموال التجارية.
وقسّم بعض الفقهاء التجّار إلى التاجر المدير، وهو التاجر الذي يشتري البضاعة ويبيعها على الفور دون انتظار فلا تبقى عنده مدّة كبيرة، ومع انتهاء الحول يكون التاجر المدير قد باع كامل بضاعته. والتاجر المتربّص وهو التاجر الذي يقوم بشراء كميات كبيرة من البضائع، وينتظر الأسواق بها، وقد تستقر هذه البضائع عنده لسنوات عديدة، ممّا يضطر إلى بيعها بأقل من تكلفة شرائها، وتعتبر بضائع كاسدة.
وعليه فإنّ التاجر المدير يقوم بإخراج زكاة أمواله، بعد مرور الحول عليها، فقد يبيعها كاملةً خلال الحول ويُخرج الزكاة على الجميع، مع احتساب السلع المتبقية إن بقي من السلع ما هو غير مباع، ويُضيف الأرباح والديون.
أمّا التاجر المتربّص فلا زكاة عليه، إن لم يبع أيّ من السلع، وإن باع شيئاً من السلع التي لديه، يتوجّب عليه تزكيتها بعد مرور الحول عليها، إن كانت قد بلغت النصاب المحدد لعروض التجارة؛ لأنّ الزكاة مشروعة في الأموال النامية.
وإن كانت البضاعة كاسدة، ويبيعها التاجر بأقل من سعر شرائها، فلا زكاة عليها، حتى يبيع بمقدار يبلغ النصاب، ويُخرج الزكاة على ما يبيع من البضاعة.
والأصل عند أغلب الفقهاء فإنّ الزكاة واجبة في أيّ مال يُقصد به التجارة، ويشتمل هذا الحكم على جميع ما يملكه التاجر من سلع وبضائع، سواء باعها بوقتها، أم كسدت لديه.
ويقول بعض الفقهاء بأن الزكاة لا تجب على البضاعة الكاسدة إلّا بعد بيعها، ثم يُخرج التاجر الزكاة عن حولٍ واحد، فلا بدّ من أن تبور بعض السلع عند التجار، وقد يتعرّض التاجر للضرر والخسار عند إخراج الزكاة عليها دون استثمارها أو بيعها.
ورغم إجماع أغلب الفقهاء على تزكية البضاعة الكاسدة، إلاّ أنّه في بعض الأحيان، يكون الرأي الآخر هو الأَوْلى.