زهد رسول الله:
تُعَدُّ حياة رسول الله محمد صلّى الله عليه وسلم من أعظم وأثبت الأدِلَّة على نُبُوَّتِه عليه الصلاة والسلام؛ لما تَتَّصف به حياة النّبي الكريم من النقاء والوضوح التام.
ولا يكون ذلك الأمر التام والواضح إلاَّ لنبي مُرْسَل من ربِّه غز وجلّ، لا يُمَثِّلُ نفسه، ولكنّه يُمَثِّل الإرادة العليا؛ مصداقًا لقول الله تبارك وتعالى في سورة النجم: “وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ ﴿1﴾ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ ﴿2﴾ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ ﴿3﴾ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ”…سورة النجم.
فانظروا إلى الرسول محمد صلّى الله عليه وسلم النّبي العابد الذي لا يتوقف عن ذكر ربِّه عزَّ وجل في ليله ونهاره وفي كل أوقاته، وهو الأمي الذي علَّمه شديد القوى، وهو المرسل الذي يحرص على أُمَّته من عذاب شديد من الله رب العالمين، وهو الرسول الزاهد في الدنيا رغم أنّ الدنيا جاءت إلى النبي راغبة.
وهنا تظهر عصمة الله للنّبي وإلى نقاء حياته عليه الصلاة والسلام؛ حيث ندرك حينها أن محمدًا نبي من الله رب العالمين؛ فتلك الحياةُ النقية لا يمكن أن يكون صاحبها دَعِيًّا أو حتى ساحراً أو كاذباً، ولا يمكن أن يكون ذلك الرجل دجالاً، كما أيضاً لا يمكن أن يكون ذلك الرجل طالب مُلْكٍ، ولا يمكن أن يكون ذلك الرجل رجل دُنْيَا.