زهد رسول الله ونظرة الإسلام للحياة الدنيا:
تعَدُّ حياة رسول الله محمد صلّى الله عليه وسلم من أعظم وأثبت الأدِلَّة على نُبُوَّتِه عليه الصلاة والسلام؛ لما تَتَّصف به حياة النّبي الكريم من النقاء والوضوح التام .
نظرة الدين الإسلامي للحياة الدنيا هي نظرة فريدة ونادرة لا مثيل لها؛ لأنّها تخلِقُ إنسانًا متوازنًا قادراً على أن يُدرك أن الحياة الدنيا مهما كانت طويلة في سنينها فهي بنفس الوقت قصيرة، وأنّ الحياة في الآخرة هي خير وأبقى من حياة الدنيا؛ لذلك قال الله سبحانه تعالى عن الحياة الدنيا: “وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ”…سورة آل عمران: 185.
كما أنّ القرآن الكريم وضع المعيار (المقياس) الحقيقي أمام البشر عند تطلُّعه وترقبه للحياة للدنيا: ( وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)…..سورة العنكبوت: 64.
فالحياة الدنيا في منظور الدين الإسلامي ما هي إلاَّ مزرعة الآخرة فما تزرعه في هذه الحياة تجده محصولاً في الآخرة، وأنّ الحياة الدنيا هي مجرَّد طريق أو سبيل يعبر ويمشي عليه الإنسان لوِجْهَته الحقيقيَّة وهي الآخرة، وهو ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم : “كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ”.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : “وَاللَّهِ مَا الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مِثْلُ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ هَذِهِ – وَأَشَارَ يَحْيَى بِالسَّبَّابَةِ- فِي الْيَمِّ، فَلْيَنْظُرْ بِمَ يَرْجِعُ”.