زوجة النبي محمد السيدة أم حبيبة رملة بنت أبى سفيان

اقرأ في هذا المقال


زوجة النبي محمد السيدة أم حبيبة رَملة بنت أبى سفيان:

نسبها ونشأتها :


هي أم المؤمنين السيدة المحجبة من بنات عمّ النّبي محمد- صلّى الله عليه وسلم- وهي السيدة “رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية “،وهي صحابية جليلة، وهي رضي الله عنها ابنة زعيم، وأيضاً أخت خليفة، وهي رضي الله عنها زوجة خاتم النبيين والمرسلين سيدنا محمد- عليه أفضل الصلاة وأتمّ التسليم.

فأبوها الصحابي أبو سفيان رضي الله عنه، والذي هو زعيم ورئيس قبيلة قريش، وأبو سفيان كان في بداية الدعوة الإسلامية عدواً لدوداً للرسول محمد- عليه الصلاة والسلام- وأخوها الصحابي الجليل سيدنا معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وهو أحد الخلفاء الراشدين والمؤسّسين للدولة الأموية، وبسبب مكانة وجلالة منزلة أم المؤمنين السيدة أم حبيبة رضي الله عنها في دولة أخيها والتي كانت في الشام، قيل لسيدنا معاوية: “خال المؤمنين” .

فالسيدة أم حبيبة هي من زوجات الرسول محمد-عليه الصلاة والسلام-، فكانت من أكثر النساء كرماً صداقاً، فكانت من نساء الرسول محمد صلى الله عليه وسلم محمد نائية الدار(بعيدة المنزل)، وذلك هو دليل على زهدها رضي الله عنها وتفضيلها لنعم الآخرة على نعيم الدنيا الزائلة.

كانت أم المؤمنين السيدة أم حبيبة رضي الله عنها من أصحاب الرأي والفصاحة، فقد تزوجها أولاً رجل اسمه عبيد الله بن جحش، وعندما دعا الرسول محمد- عليه الصلاة والسلام- الناس في مكة المكرمة إلى الدخول في الإسلام، أسلمت أم المؤمنين السيدة رملة رضي الله عنها مع زوجها وكان ذلك في دار الأرقم بن أبي الأرقم، وعندما اشتد وازداد الأذى بالمسلمين في مكة المكرمة؛ هاجرت السيدة رملة رضي الله عنها وكان ذلك بصحبة زوجها فارَّة هاربة بدينها حيث كانت رضي الله عنها متمسكة بعقيدتها، وأيضاً كانت رضي الله عنها متحملة الغربة ووحشتها، حيث قد تركت الترف والنعيم التي كانت تعيش فيه.

وكانت بعيدة عن مركز الدعوة الإسلامية والنبوة، فقد تحملت رضي الله عنها مشاق وصعوبات السفر والهجرة، فأرض الحبشة كانت بعيدة عن مكة المكرمة، والطريق كانت مليئة بالعديد من الطرق الوعرة جداً، وكانت الحرارة المرتفعة بشكل كبير، ولم تمتلك تلك المؤونة الكافية، كما أنّ السيدة رملة رضي الله عنها في ذلك الوقت كانت في شهور مهمّة وصعبة حيث كانت شهور حملها الأولى، وبعد عدّة أشهر من بقاء السيدة رملة رضي الله عنها في الحبشة، أنجبت رضي الله عنها مولودتها “حبيبة”، فكنيت أم المؤمنين “بأم حبيبة”.

رؤية أم حبيبة :


في إحدى الليالي، رأت أم المؤمنين السيدة أم حبيبة رضي الله عنها في نومها أنَّ زوجها عبيد الله في صورة سيئة، ففزعت(خافت) بسبب ذلك المنام ، وعندما أصبحت رضي الله عنها، أخبرها زوجها عبيد الله بأنَّه قد وجد في دين النصرانية ما هو أفضل من دين الإسلام، فحاولت السيدة رملة رضي الله عنها أن تردّه إلى دين الله الإسلام، ولكنّها وجدت زوجها قد عاد إلى شرب الخمر من جديد.

وفي الليلة التالية، رأت السيدة رملة في منامها أنّ شخصاً منادياً يناديها “بأم المؤمنين”، فأولت(فسرت المنام) السيدة أم حبيبة بأنّ الرسول محمد صلى الله عليه وسلم سوف يتزوجها، وهو ما كان بالفعل؛ فمع مرور الأيام، توفي زوجها على دين النصرانية، فوجدت السيدة أم حبيبة نفسها غريبة في غير بلدها، وأصبحت وحيدة بلا زوج يحميها ويسندها، حيث كانت أمًّا لطفلة يتيمة، ورملة هي ابنة لأب مشرك خافت من بطش أبيها ولا تستطيع الالتحاق به في مكة المكرمة، عندها لم تجد السيدة رملة إلّا الصبر والاحتساب، فواجهت الصعوبات والشدائد وأيضاً المحنة بإيمان وقد توكلت على الله- سبحانه وتعالى.

زواج أم حبيبة :


علم الرسول محمد- صلى الله عليه وسلم- بالذي جرى للسيدة أم حبيبة رضي الله عنها، فأرسل الرسول محمد إلى النجاشي طالباً الزواج منها، حينها ففرحت السيدة أم حبيبة، وقد صدقت رؤياها، فعهدها وأصدقها النجاشي أربعمائة دينار، وقد وكلت رضي الله عنها ابن عمها خالد بن سعيد ابن العاص، وفي ذلك دلالة على أنّه يجوز ويصح عقد الزواج بالوكالة في دين الإسلام.

وبذلك الزواج خفّف الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من عداوته لقوم بني أمية، فعندما علم أبو سفيان زواج الرسول محمد صلّى الله عليه وسلم من ابنته السيدة رملة، قال: “ذاك الفحل، لا يقرع أنفه! ويقصد أن الرسول رجل كريم”، وبتلك الطريقة خفت البغضاء(الحقد والكره والعداوة) التي كانت في نفس أبي سفيان على الرسول محمد- صلى الله عليه وسلم-، كما أنّ في ذلك الموقف دعوة من الرسول محمد عليه الصلاة والسلام إلى مقابلة المواقف السيئة بالمواقف بالحسنة، لأنّ تلك المواقف قد تؤدي إلى دفع وزوال الكرة الحقد والضغينة والعداوة وتعمل على وجود صفاء النفوس بين المتخاصمين.

أبو سفيان في بيت أم حبيبة:


عندما نقض الكفار والمشركون في مكة المكرمة صلح الحديبية، خافوا من انتقام الرسول محمد- صلى الله عليه وسلم-، عندها أرسلوا زعيمهم أبا سفيان إلى المدينة المنورة وذلك حتى يحاول أن ينجح في إقناع الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بتجديد الصلح بينهم، وفي طريق أبي سفيان إلى النّبي محمد- عليه الصلاة والسلام-، مرّ أبو سفيان على أم المؤمنين ابنته أم حبيبة رضي الله عنها في بيتها، وعندما همّ أبو سفيان بالجلوس على فراش الرسول الكريم محمد- صلّى الله عليه وسلم- سحبته السيدة أم حبيبة من تحت أبيها وطوته بعيداً عنه، فقال أبو سفيان لابنته: “أراغبة بهذا الفراش يا بنية عني؟ أم بي عنه؟” ، فأجابته: “بل به عنك ، لأنّه فراش الرسول- صلى الله عليه وسلم- وأنت رجل نجس غير مؤمن”، فغضب منها، وقال: “أصابك بعدي شر”، فقالت: “لا والله بل خير”.

لذلك الأمر، جهّز الرسول الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم- المسلمين لفتح مكة المكرمة، وبالرّغم من معرفة السيدة أم حبيبة رضي الله عنها لهذا السر، إلّا أنّ السيدة رملة لم تخبر أباها بالسر، وحافظت على سر رسول الله – صلى الله عليه وسلم- وعلى سر المسلمين.

ففتح المسلمون مكة المكرمة، وقد دخل العديد والكثير من الكفار والمشركين في دين الله الإسلام، وفي هذا الفتح أسلم أبو سفيان رضي الله عنه، فتكاملت حينها أفراح السيدة أم حبيبة ومن ثمّ شكرت وحمدت الله على ذلك الفضل العظيم من الله سبحانه وتعالى.


دورها في رواية الحديث الشريف :


روت السيدة أم حبيبة – رضي الله عنها- بعض الأحاديث عن الرسول محمد- صلّى الله عليه وسلم- حيث بلغ مجموع ما روت خمسة وستين حديثاً، وقد اتفق لها البخاري ومسلم على حديثين.

فالسيدة أم حبيبة – رضي الله عنها- حديث مشهور وهو حديث في تحريم الربيبة وأخت المرأة،” ‏فعن ‏ ‏زينب بنت أم سلمة ‏عن ‏ ‏أم حبيبة بنت أبي سفيان ‏ ‏قالت ‏دخل على رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ قلت : يا رسول الله ، انكح أختي ابنة أبي سفيان ، قال : ( وتحبين ذلك ) . فقلت : نعم ، لست لك بمخلية، وأحب من مشاركني في الخير أختي، فقال : ( إنّ ذلك لا يحلُّ لي ) . فقلت : يا رسول الله ، فوالله إنّا نتحدث أنّك تريد أن تنكح درة بنت أبي سلمة ؟ قال : ( ابنة أم سلمة ) . فقلت : نعم ، فقال : ( فوالله لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي ، إنّها ابنة أخي من الرضاعة، أرضعتني وأبا سلمة ثويبة ، فلا تعرضن عليّ بناتكنَّ ولا أخواتكنّ ) “.
الراوي: أم حبيبة بنت أبي سفيان – خلاصة الدرجة: [صحيح] – المحدث: البخاري – المصدر: الجامع الصحيح – الصفحة أو الرقم: 5372

وفاتهــــا :


توفيت السيدة أم حبيبة – رضي الله عنها- في العام الرابع والأربعين بعد الهجرة النبوية الشريفة، ودفنت السيدة أم حبيبة رضي الله عنها في البقيع، وكانت قد دعت أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها – أم المؤمنين- قبل وفاتها، فقالت:” قد يكون بيننا وبين الضرائر فغفر لي ولك ما كان من ذلك. . فقالت عائشة: غفر الله لك ذلك كله وتجاوز وحلك من ذلك، فقالت أم حبيبة: سررتني سرّك الله”. وقد أرسلت إلى السيدة أم سلمة فقالت لها مثل ذلك.

هذه بعض من سيرة أم المؤمنين السيدة أم حبيبة رضي الله عنها، والتي كانت سيرة جميلة والتي تعتبر هي وأمهات المؤمنين قدوة لجميع المسلمات في مختلف الأزمان والأماكن، والتي تربت في بيت نبوي كريم.


شارك المقالة: