زوجة النبي محمد السيدة صفية بنت حُيَى بن اخطَب

اقرأ في هذا المقال


زوجة النبي محمد السيدة صفية بنت حُيَي بن اخطَب:

نسبها :


هي أم المؤمنين السيدة صفية بنت حيي بن أخطب، حيث يتصل نسبها بهارون النّبي عليه السلام.


تقول رضي الله عنها :” كنت أحب ولد أبي إليه، وإلى عمي أبي ياسر لم ألقهما قط مع ولدهما إلّا أخذاني دونه. فلمّا قدم رسول الله المدينة، غدا عليه أبي وعمي مغلسين، فلم يرجعا حتى كان مع غروب الشمس، فأتيا كالين ساقطين يمشيان الهوينا فهششت إليهما كما كنت أصنع، فوالله ما التفت إليّ أحد منهما مع ما بهما من الغم. وسمعت عمي أبا ياسر وهو يقول لأبي: أهو هو؟ قال نعم والله. قال عمي: أتعرفه وتثبته؟ قال: نعم. قال: فما في نفسك منه؟ أجاب: عداوته والله ما بقيت”.

مولدها ومكان نشأتها :


لا يعرف بالشكل المضبوط تاريخ ولادة السيدة صفية رضي الله عنها، ولكنّها رضي الله عنها نشأت في الخزرج، كانت السيدة صفية رضي الله عنها في الجاهلية من ذوات الشرف، ودانت باليهودية وكانت رضي الله عنها من أهل المدينة المنورة، وأمها تدعى “برة بنت سموال”.

صفاتهــا :


عرف عن أم المؤمنين السيدة صفية بنت حيي رضي الله تعالى عنها أنَّها ذات شخصية فاضلة، وأنّها جميلة حليمة، وأنّها ذات شرف رفيع رحمها الله تعالى .

حياتها قبل الإسلام :


كانت للسيدة صفية رضي الله عنها مكانة مرموقة وعزيزة عند أهلها، حيث ذكر بأنّها رضي الله عنها قد تزوجت مرتين قبل دخولها دين الإسلام، حيث كان أول أزواجها يدعى ويسمّى سلام ابن مشكم حيث سلام كان فارس القوم وكان شاعرهم، ومن ثمَّ فارقته وتركته وبعد ذلك تزوجت من” كنانة ابن الربيع ابن أبي الحقيق النصري” وهو صاحب حصن القموص، وهو أعزُّ حصن عند اليهود، وقد قتل عنها زوجها في يوم غزوة خيبر.


في السنة السابعة للهجرة النبوية الشريفة وذلك من شهر محرّم، استعد رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام لمحاربة اليهود، فعندما أشرف الرسول محمد عليها قال عليه الصلاة والسلام : ” الله أكبر، خربت خيبر، إنّا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين”.

وقد اندلع ودار القتال بين المسلمين وبين اليهود، فقتل في القتال رجال خيبر، وقد سبيت نساؤها وكان من بينهم السيدة صفية رضي الله عنها، وفتحت يومها حصون خيبر، ومن هذه الحصون التي فتحت كان حصن ابن أبي الحقيق.

حينما رجع بلال بالأسرى مرَّ بهم بعض من قتلاهم، فصرخت وقتها ابنة عم صفية، وقد حثت بالتراب على وجهها، فتضايق حينها رسول الله صلّى الله عليه وسلم بسبب ما فعلت، وقد أمر النبي عليه الصلاة والسلام بإبعادها عنه. وقال أيضاً لصفية بأن تقف خلفه، وقام وغطّى عليها بثوبه وذلك حتى لا تشاهد القتلى.

“وقد ذكر أنّ رسول الله محمد صلّى الله عليه وسلم غزا خيبر ، فصلينا عندها صلاة الغداة بغلس ، فركب نبي الله صلى الله عليه وسلم ، وركب أبو طلحة، وأنا رديف أبي طلحة ، فأجرى نبي الله صلى الله عليه وسلم في زقاق خيبر ، وإنّ ركبتي لتمس فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم ، ثم حسر الإزار عن فخذه ، حتى إني أنظر إلى بياض فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فلمّا دخل القرية قال: ” الله أكبر ، خربت خيبر ، إنّا إذا نزلنا بساحة قوم ، فساء صباح المنذرين . قالها ثلاثاً ، قال : وخرج القوم إلى أعمالهم ، فقالوا : محمد – قال عبد العزيز : وقال بعض أصحابنا : والخميس ، يعني الجيش – قال : فأصبناها عنوة، فجمع السبي ، فجاء دحية، فقال : يا نبي الله ، أعطني جارية من السبي ، قال : اذهب فخذ جارية . فأخذ صفية بنت حيي ، فجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا نبي الله، أعطيت دحية صفية بنت حيي ، سيدة قريظة والنضير، لا تصلح إلّا لك، قال : ادعوه بها . فجاء بها ، فلما نظر إليها النبي صلى الله عليه وسلم قال : خذ جارية من السبي غيرها . قال : فأعتقها النبي صلى الله عليه وسلم وتزوجها . فقال له ثابت : يا أبا حمزة ، ما أصدقها ؟ قال : نفسها، أعتقها وتزوجها، حتى إذا كان بالطريق، جهزتها له أم سليم، فأهدتها له من الليل ، فأصبح النبي صلى الله عليه وسلم عروسا ، فقال : من كان عنده شيء فليجيء به وبسط نطعا ، فجعل الرجل يجيء بالتمر، وجعل الرجل يجيء بالسَّمن ، قال : وأحسبه قد ذكر السويق، قال : فحاسوا حيسا “، فكانت وليمة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

الراوي: أنس بن مالك – خلاصة الدرجة: [صحيح] – المحدث: البخاري – المصدر: الجامع الصحيح – الصفحة أو الرقم: 371

إسلامهــا :


كعادة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم لا يجبر أيّ أحد على اعتناق الإسلام أو الدخول فيه، إلّا أنْ يكون ذلك الرجل أو تلك المرأة قد اقتنعوا بما أنزل الله سبحانه وتعالى من كتاب ومن سنّة، فسألها الرسول الكريم محمد صلّى الله عليه وسلم عن ذلك الأمر، وخيرها النبي بين البقاء على دين اليهودية أو اعتناق دين الإسلام، فإن اختارت رضي الله عنها اليهودية اعتقها النبي، وإن أسلمت رضي الله عنها سيمسكها لنفسه (سيتزوجها)، وكان اختيارها رضي الله عنها الدخول في دين الله الإسلام الذي جاء منها عن رغبة صادقة في التوبة وأيضاً حبّاً لهدي سيدنا النبي الكريم محمداً صلى الله عليه وسلم.

عند قدوم السيدة صفية بنت حيي من خيبر أقامت رضي الله عنها في منزل لحارثة بن النعمان، وقد جاءت النساء لرؤيتها وذلك بسبب ما سمعوه عن جمالها، وقد كانت من بين النساء أم المؤمنين السيدة عائشة – رضي الله عنها- وقد ذكر بأنّها كانت منتقبة، وبعد خروجها سألها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم عن السيدة صفية، فردَّت السيدة عائشة: “رأيت يهودية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقد أسلمت وحسن إسلامها”.

وفاة النبي عليه الصلاة و السلام :


عن زيد بن أسلم قال : “اجتمع نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مرضه الذي توفي فيه، واجتمع إليه نساؤه ، فقالت صفية بنت حيي : إنّي والله يا نبي الله لوددت أنّ الذي بك بي، فغمزن أزواجه ببصرهن، فقال : مضمضن ، فقلن من أي شيء ؟ فقال : من تغامزكن بها ،والله إنّها لصادقة”.
الراوي: زيد بن أسلم – خلاصة الدرجة: إسناده حسن – المحدث: ابن حجر العسقلاني – المصدر: الإصابة – الصفحة أو الرقم: 4/347


وبعد وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم افتقدت السيدة صفية إلى الحماية والأمن، فظل الناس يعيرونها بأصلها لأنّ أصلها كان يهودي.

مواقف للسيدة صفية:

عن صفية بنت حيي رضي الله عنها قالت:
“كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتكفا فأتيته أزوره ليلاً فحدثته وقمت فانقلبت فقام معي ليقلبني وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد فمر رجلان من الأنصار فلمّا رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا فقال النبي صلى الله عليه وسلم على رسلكما إنّها صفية بنت حيي قالا : سبحان الله يا رسول الله ! ! قال : إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم ، فخشيت أن يقذف في قلوبكما شيئاً – أو قال : شرا “.
الراوي: صفية – خلاصة الدرجة: صحيح – المحدث: الألباني – المصدر: صحيح أبي داود – الصفحة أو الرقم: 4994

وفي عهد سيدنا عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – ، جاءته جارية للسيدة صفية تخبر سيدنا عمر بأنّ السيدة صفية تحب يوم السبت وتصل اليهود، فلمّا استخبر السيدة صفية عن ذلك الأمر، فأجابت قائلة : ” فأما السبت لم أحبه بعد أن أبدلني الله به بيوم الجمعة، وأمّا اليهود فإنِّي أصل رحمي”. وقد سألت الجارية عن سبب ما فعلته فقالت: “الشيطان”، فأعتقتها صفية.

وفاتها :


للسيدة صفية في كتب الحديث الشريف عشرة أحاديث، حسث قد أخرج منها في الصحيحين حديث واحد متفق عليه – وقد روى عنها عدّة أشخاص منهم: “ابن أخيها ومولاها كنانة وأيضاً يزيد بن معتب، وأيضاً زين العابدين بن علي بن الحسين، وقد روى عنها إسحاق بن عبدالله بن الحارث، وأيضاً مسلم بن صفوان”.

توفيت السيدة صفية في المدينة المنورة، وكان ذلك في عهد الخلفية معاوية بن أبي سفيان، وكان ذلك في السنة الخمسين هجرياً، ودفنت رضي الله عنها في البقيع مع أمهات المؤمنين رضي الله عنهنَّ جمعياً.

هذه كانت بعض من سيرة أم المؤمنين السيدة صفية بنت حيي بن أخطب رضي الله عنها وأرضاها، والتي تربت في بيت نبوي ينبع منه الإيمان الصحيح والطاعة الربانية.


شارك المقالة: