اقرأ في هذا المقال
- زوجة النبي محمد السيدة مارية بنت شمعون القبطية
- ولادة مارية لإبراهيم
- مكانة مارية في القرآن الكريم
- وفاة السيدة مارية
زوجة النبي محمد السيدة مارية بنت شمعون القبطية:
جاءت أم المؤمنين السيدة مارية القبطية رضي الله عنها إلى المدينة المنورة بعد أن تمَّ صلح الحديبية، وكان ذلك في السنة السابعة من الهجرة النّبوية الشريفة.
وقد ذكر المفسرون أنّ اسمها رضي الله عنها “مارية بنت شمعون القبطية”، وبعد أن تمَّ صلح الحديبية الذي كان بين الرسول الكريم محمد صلّى الله عليه و سلم وبين المشركين وكفار قريش في مكة المكرمة بدأ الرسول الكريم محمد صلّى الله عليه وسلم في دعوة الناس إلى الدخول في دين الله الإسلام، وقد كتب الرسول الكريم محمد – صلّى الله عليه وسلم – كتباً إلى عدد من ملوك من العالم حيث كان يدعوهم في هذه الكتب إلى الدخول في دين الله الإسلام، وقد اهتم النّبي الكريم بذلك الأمر اهتماماً عظيماً كبيراً، فاختار الرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام من أصحابه الكرام من لهم في الأمر معرفة وخبرة، ومن ثمّ قام بإرسالهم مع الكتب إلى الملوك.
حيث كان من بين هؤلاء الملوك الملك هرقل ملك الروم، وأيضاً كسرى أبرويز وهو ملك فارس، وأيضاً المقوقس وهو ملك مصر وأيضاً النجاشي وهو ملك الحبشة، حيث تلقى جميع هؤلاء الملوك الرسائل من الرسول الكريم محمد صلّى الله عليه وسلم وقد ردُّوا رداً جميلاً على تلك الرسائل والكتب من الرسول محمد، إلّا كسرى وهو ملك فارس، وهو الذي مزق الكتاب.
عندما أرسل الرسول محمد صلّى الله عليه وسلم كتاباً إلى المقوقس وهو حاكم الإسكندرية وأيضاً النائب العام للدولة البيزنطية في منطقة مصر، أرسله الرسول محمد مع الصحابي حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه، وقد كان معروفاً بحكمته ومعروفاً في بلاغته وفي فصاحته، عندها أخذ حاطب بن أبي بلعته كتاب الرسول الكريم محمد صلّى الله عليه وسلم إلى مصر، وبعدها دخل على المقوقس والذي رحب به، وقد أخذ يستمع إلى كلمات الصحابي حاطب، فقال له: ” يا هذا، إنّ لنا ديناً لن ندعه إلا لما هو خير منه”.
وقد أعجب المقوقس بما قاله الصحابي حاطب، فقال لحاطب: ” إنّي قد نظرت في أمر هذا النبي فوجدته لا يأمر بزهودٍ فيه، ولا ينهي عن مرغوب فيه، ولم أجدهُ بالساحر الضال، ولا الكاهن الكاذب، ووجدت معه آية النبوة بإخراج الخبء و الأخبار بالنجوى وسأنظر”،
بعد ذلك أخذ المقوقس كتاب النّبي محمد صلّى الله عليه وسلم ومن ثم ختم عليه، وبعد ذلك كتب إلى النّبي محمد صلّى الله عليه وسلم:
” بسم الله الرحمن الرحيم
لمحمد بن عبدالله، من المقوقس عظيم القبط، سلام عليك، أمّا بعد
فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه، وما تدعو إليه، وقد علمت أنّ نبياً بقي،
وكنت أظنّ أنّه سيخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين لهما
مكان في القبط عظيم، وبكسوة، وأهديتُ إليك بغلة لتركبها والسلام عليك”.
وقد كانت الهدية هي جاريتين هما: “مارية بنت شمعون القبطية وأختها سيرين”، وفي طريق العودة إلى المدينة المنورة، عرض الصحابي حاطب على السيدة مارية وأختها سيرين الدخول في دين الله الإسلام وقد رغبهما فيه، حينها أكرمهما الله بالدخول في دين الله الإسلام.
وفي المدينة المنورة، أختار الرسول محمد صلّى الله عليه وسلم السيدة مارية القبطية لنفسه، وقد وهب أختها سيرين لشاعره الكبير الصحابي الجليل حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه وأرضاه، وقد كانت أم المؤمنين السيدة مارية رضي الله عنها بيضاء البشرة وجميلة الطلعة صاحبة جمال، وقد أثار قدوم السيدة مارية رضي الله عنها الغيرة في نفس أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، فكانت السيدة عائشة تراقب مظاهر اهتمام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالسيدة مارية القبطية.
قالت عائشة رضي الله عنها:” ما غرت على امرأة إلا دون ما غرت على مارية، وذلك أنّها كانت جميلة جعدة أو دعجة (اشْتَدَّ سَوادُها مع اتِّساعها واشتداد بياضِها، حَوِرت واتّسعت) فأعجب بها رسول الله صلى الله عليه و سلم وكان أنزلها أول ما قدم بها في بيتٍ لحارثة بن النعمان، فكانت جارتنا، وكان عامّة الليل والنهار عندها، حتى فرغنا لها، فجزعت فحولها إلى العالية، وكان يختلف إليها هناك، فكان ذلك أشد علينا” .
ولادة مارية لإبراهيم :
وبعد مرور مدّة عام على مجئ السيدة مارية رضي الله عنها إلى المدينة المنورة، حملت السيدة مارية، وقد فرح النّبي عند سماع ذلك الخبر الجميل، فقد كان الرسول محمد قد قارب على الوصول إلى الستين من عمره عليه الصلاة والسلام، وقد فقد الرسول محمد أولاده ما عدا ابنته السيدة فاطمـة الزهراء رضوان الله عليها.
وقد ولدت السيدة مـارية رضي الله عنها في شهر ذي الحجة وكان ذلك من السنة الثامنة للهجرة النبوية الشريفة، حيث ولدت طفلاً جميلاً يشبه ذلك المولود الرسول الكريم محمد صلّى الله عليه وسلم، وقد سماه الرسول محمد “إبراهيم”، وكان ذلك تيمناً بأبيه سيدنا إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام، وبتلك الولادة أصبحت أم المؤمنين السيدة مـارية حرة .
وقد عاش إبراهيم ابن الرسول الكريم محمد صلّى الله عليه وسلم مدة عام وبضع من الشهور، وقد كان يحظى برعاية رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنّ إبراهيم مرض قبل أن يكمل السنة الثانية من عمره، وفي يوم من الأيام اشتد مرض إبراهيم ابن الرسول محمد، فمات إبراهيم وهو يبلغ من العمر ثمانية عشر شهراً، وقد كانت وفاة إبراهيم ابن الرسول محمد في يوم الثلاثاء من عشر ليال التي خلت من شهر ربيع الأول وذلك من السنة العاشرة من الهجرة النبوية الشريفة، وقد حزنت أم المؤمنين السيدة مارية القبطية حزناً شديداً على وفاة ولدها إبراهيم.
مكانة مارية في القرآن الكريم :
لأم المؤمنين السيدة مـارية رضي الله عنها وأرضاها شأن كبير وعظيم في الآيات القرآنية المباركة وأيضاً في أحداث السيرة النبوية العطرة الشريفة، فقد أنزل الله عزَّ وجل صدر سورة من القرآن الكريم وهي سورة التحريم وكان ذلك بسبب أم المؤمنين السيدة مارية القبطية رضي الله عنها وأرضاها، وأيضاً قد أوردها العلماء والمحدثون والفقهاء وأيضاً المفسرون في الكثير من أحاديثهم وأيضاً من تصانيفهم.
وقد توفي الرسول الكريم محمد صلّى الله عليه وسلم وهو راض عن أم المؤمنين السيدة مـارية القبطية رضي الله عنها، والتي تشرفت رضي الله عنها بالبيت النبوي الطاهر والشريف والعطر، وقد عدّت السيدة مارية من أهل ذلك البيت فهي من أمهات المؤمنين رضوان الله عليهم، وكانت السيدة مـارية رضي الله عنها تحرص كل الحرص على اكتساب مرضاة الرسول محمد صلّى الله علية وسلم، كما عرفت رضي الله عنها بدينها وورعها وأيضاً عبادتها.
وفاة السيدة مارية :
عاشت أم المؤمنين السيدة مـارية القبطية رضي الله عنها ما يقارب مدة الخمس أعوام وذلك في ظلال الخلافة الراشدة، وتوفيت السيدة مارية رضي الله عنها في السنة السادسة عشر من الهجرة النبوية الشريفة وكان ذلك في شهر محرم.
وقد دعا سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه الناس ومن ثم جمعهم للصلاة عليها رضوان الله عليها، فقد اجتمع عدد كبير من الصحابة الكرام من الهاجرين ومن الأنصار وذلك حتى يشهدوا جنازة السيدة مـارية القبطية، وقد صلّى عليها الصحابي الجليل سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في البقيع، وقد دفنت السيدة مارية إلى جانب نساء أهل البيت النبوي الشريف، وأيضاً إلى جانب ابنها إبراهيم.