ساعة الصفر في غزوة بدر:
وبعد أن قام الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بتنظيم الصفوف في جيش المسلمين وهيأه للقتال، أصدر النبي محمد صلى الله عليه وسلم أوامره إلى جيشه.
حيث أصدر بأن لا يبدؤوا القتال حتى تلقي منه جميع الأوامر الأخيرة، فقال عليه الصلاة والسلام لهم: “إن اكتنفكم العدو (أي أنه أحاط بكم)، فرموا عليهم بالنبل (أي السهام)”.
ومن ثم بعد ذلك رجع عليه الصلاة والسلام إلى مقر قيادته وفي معيته مستشاره الأمين الصديق الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ووقفت على مقر قيادته صلى الله عليه وسلم الشريف كتيبة الحراسة من فتيان الأنصار، والتي كانت بقيادة الصحابي الجليل القائد سعد بن معاذ رضي الله عنه.
ثم توترت الحالة وأصبح جو المعركة في غزوة بدر مليء بدخان الموت، وأخذت صفوفهم تقترب من بعضها، وكان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يهمه وحريص على مصير المسلمين والجيش والجند، وذلك لأنّه أكثر من غيره يقدر ويهمه نتائج مثل هذه المعركة، ويعرف أن هزيمة المسلمين معناها هزيمة دين الحق الإسلام إلى الأبد.
لهذا في هذا الوقت لجأ القائد الأعلى صلى الله عليه وسلم الشريف إلى ربه وأبلغ في الدعاء قائلاً عليه الصلاة والسلام: “اللهم إنك إن تهلك هذه العصابة (يعني المسلمين) لانعبد بعدها في الأرض”.
وقد تواجه الجيشان فيما بينهم وبعدها حضر الخصمان بين يدي الرحمن ضج الصحابة بصنوف الدعاء إلى رب الأرض والسماوات سامع الدعاء وکاشف البلاء والغمة سبحانه وتعالى عز وجل.
وكان أول وقود المعركة، هو أحد فدائيي المشركين هو الأسود بن عبد الأسد المخزومي، حيث كان الأسود رجلاً شرساً سيء الخلق، فقد عاهد الله عز وجل، لیشربنَّ من حوض جند الإسلام والمسلمين أو يهدمنه أو ليموتنَّ دونه.
لذلك فقد انقض من صفوف المشرکین، متحدياً كل المسلمين وجيشهم ومن فيه زاحفا نحو الحوض لیبرَّ بقسمه، ولكن الصحابي الجليل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه وأرضاه عم نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم أسرع من صفوف جيش الإسلام والمسلمين فاعترضه، وعاجل حتى يصل قبله، وذلك قبل أن يصل إلى الحوض، حيث قام بضربه ضربة واحدة من سيفه، بترت قدمه مع نصف ساقه، فجثا في إصرار وعناد، وزحف نحو الحوض حبوة ليبرَّ بقسمه، ولكنّ الصحابي حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه وأرضاه أثنى عليه بضربة أخرى، أتت عليه وألقته في داخل الحوض.
فإن هذا الرجل وهو الأسود المخزومي يعتبر أول قتيل في المعركة من جيش المشركين جيش مكة المكرمة وقريش، وكان قتله هو بمثابة القتيل الذي قد أشعل نار القتال في المعركة.
فقد خرج بعدها لمواجهة جيش الإسلام والمسلمين من صفوف المشركين ثلاثة من فرسان قریش وخيرة محاربيهم، ومن عائلة واحدة تشملهم جميعهم، وهم: شيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة وابنه الوليد، و كلهم من أبناء عبد مناف جد الرسول صلى الله عليه وسلم.
وبعد أن تمرکز هؤلاء الأمويون الثلاثة من قريش بين الصفين دعوا المسلمين إلى المبارزة، حينها فسارع بالخروج إليهم ثلاثة من فتيان رجال الأنصار وهم: عوف و معوذ أبناء عفراء والصحابي الحليل عبدالله بن رواحة رضي الله عنهم وأرضاهم جميعاً، وكما هي العادة يخرج الفتيان للمبارزة وقد سأل من أهل قريش من هؤلاء الثلاثة ومن آية قبيلة؟
فذكروا نسبهم وعندما علموا أنّهم من رجال الأنصار أثنوا عليهم وقالوا اكفاء كرام ولكنهم رفضوا رفضا تاما المبارزة معهم وطلبوا من الفتيان الرجوع والعودة إلى صفوفهم قائلين إنّما نريد اكفائنا منّا فرجع الأنصار الثلاثة دون آيَّة قتال.