أولا سجود السَّهو:
وهو عبارة عن سجدتين يقوم بهما المُصلِّي إذا زاد في صلاته، أو أنقص منها، أو شكَّ في شئٍ في تمامها.
وهو واجبٌ؛ لأنَّهُ شُرعَ لجبرِ النُّقصانِ، فصار كالدِّماء في الحجِّ، لأنَّهُ أداءُ العِبادة بصفةِ الكمالِ واجبٌ، وذلكَ يَجبُر النقصان.
محلّه: يعد السّلام، ولا خِلافَ في الجواز قبلَ السّلام وَبعدَهُ لصحَّةِ الحديثِ فيهما، إنَّما الخِلافُ في الأولويَّة، لأنَّ السّلام من الواجباتث فيُقدِمُ على سُجودِ السّهوِ قياساً على غيرهِ من واجباتِ الصّلاة. فعن ابن مسعود رضي الله عنهُ، قال رسول الله صلى االله عليه وسلم:(( إذا شَكَّ أحدكُم في صلاتِهِ فليتحرَّ الصَّواب، فليتمَّ عليهِ، ثُمَ ليُسلِّم، ثُمَ يَسجُدُ سَجدتينِ)).
كيفيتَهُ: أنْ يَسجُدَ سجدتين بعدَ سَلامٍ واحد عن يمينهِ ويَتَشَهَّدُ ويأتي بالصّلاةِ على النّبي عليه الصلاة والسلام،والدّعاءُ في قعدةِ السَّهو؛ لأنَّ موضعهما آخرُ الصّلاة، فعن عمران بن حصين رضي الله عنه:(( إنَّ النّبي صلى الله عليه وسلم، تشهّدَ في سجدتي السّهو وسَلَّم)).
فيجب بترك واجب، سواءََ كانَ بتغييرهِ، أو تأخيرِ ركنٍ، أو تقديمهِ، أو تكرارِهِ، أو تركِ الترتيبِ فيما شَرعَ مكرَّراً، لأنّ الواجب عليهِ أنّ لا يفعلَ كذلك، فإذا فعلَ فقد تَرَك الواجب، فصارَ تَركُ الواجب شاملاً للكلِِّ، وتأخير الرُّكنِ كتأخير سجدةٍ من الركعةِ الأولى إلى آخرِ الصّلاة، وتكرارُ الرُّكن كما لو كرَّرَ ركوعينِ أو ثلاثِ سجداتٍ في ركعة، فعليهِ سجود السَّهو.
وإن سها الإمامُ، يَجِبُ سجود السّهوِ على الكُلِّ؛ لأنَّه بالاقتداءِ صارَ تبعاً للإمام، والمَسبوق يَسجُدُ مع إمامهِ، ثُمَّ يقضي ما فاتَ عنهُ من الصّلاة، لأنَّهُ يُشترَطُ أنّ يكون مقتدياً بالإمام وقتَ السّهو، إمَّا بسهوِ المؤتَمِّ فلا يجب؛ لأنَّهُ لو سجدَ وحدَهُ كان مُخالفاً لإمامهِ ولو تابعَهُ الإمام ينقلبُ التبعُ أصلاً.
وإنّ شكَّ في عدد ركعاتٍ صلاتهِ، فإن كانَ أولَ مرّة استأنف لأنَّهُ قادرٌ لإسقاطِ ماعليهِ من الفرضِ بيقينٍ من غيرِ مشقةٍ.
وإنّ كَثُر شكّهُ، تحرّى وأخذَ بأكبرِ رآيه، لأنَّهُ يُحرج بالإعادةِ في كُلِّ مرَّةٍ، ولا سيما إذا كان موَّسوساً، فلا يجب عليهِ دَفعاً للحرج، فتعينَ التحرّي، وإنّ لم يكن لهُ رأي بنى على الأقل، لأنّ في الإعادةِ حرجاً.
وإنّ توهّمَ من صلّى الظّهرَ أنّهُ أتمها فسلَّم، ثُمَّ عَلِم أنّه صلّى ركعتينِ فإنّهُ يتمُّ الظُهرَ ويسجُدُ للسّهو؛ لأنَّ السَّلام ساهياً لايُبطلُ صلاتَهُ لكونهِ دعاء من وجه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه(( صلّى بنا رسولُ الله صلاةً في ركعتينِ، فقامَ ذو اليدين فقال: أقَصُرت الصّلاة يا رسول الله أم نسيتَ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلُّ ذلك لم يكن، فقال: قد كان بَعضُ ذلك يا رسول الله فأقبل رسول الله على الناسِ، فقال: أصدق ذو اليدين؟ فقالوا: نعم يارسول الله فأتمّ رسول الله مابقيَ من الصّلاة ثمَّ سجدَ سجدتين وهو جالس بعد التسليمِ)).
ثانيا سجود التلاوة
وهو واجبٌ على من تلا آيةً من آيات السَّجدة أو سمعها، وإن لم يقصد السَّماع، لأنَّ آيات السجدة كلَّها تَدلُّ على الوجوب، لأنَّها على ثلاثةِ أقسام: قسم أمر صريح وهو الوجوب، وقسم فيه ذكر فعلِ الأنبياء رضي الله عنهم، والإقتداءُ بهم واجب، وقسمٌ فيه ذِكرُ استنكاف الكُفَّار ومُخالفتُهم واجبة، ولهذا ذمّ الله تعالى من لم يَسجدُ عند القراءة.
لو تلا الإمامُ، سجَدَ المؤتمُّ معه وإن لم يسمع.
ولو سَمِعَ المصلّي من قارئ ليس معهُ في الصّلاة، فإنَّه يسجد بعد الصّلاة وهذا لتحقُّق السّبب وهو السَّماعُ.
ولو وجبت عليه سجدة تلاه ومحلَّها الصلاة، فإنّها لا تُقضى خارج الصَّلاة، لأنَّ السّجدة الصّلاتيَّة لا تقضى خارجها.
ولو كرَّرَ السّجدة في مجلسٍ، فإنَّه تكفيه سجدةٌ واحدة، سواءً قرأَ مرتين ثُمّ سجدَ أو قرأ وسجدَ ثُمَّ قرأها في ذلك المجلس.
ولو بدّل آية الّسّجدةِ في المجلس، او كرَّر سجدة ًواحدةً في مجلسين لاتكفي سجدة واحدة، والمجلسُ لا يختلفُ بمجرد القيام، ولا بخطوةٍ ولا خُطوتينٍ ولا بالانتقالِ من زاويةٍ إلى زاوية في بيتٍ أو مسجد ليسا كبيرينِ.
ولو تَبَدّل مجلسُ السَّامِعِ دون التالي تجب عليهِ سجدة أخرى، لأنّ السَّبب في حَقهِ السَّماع بخلاف ما لو تبدَّلَ مجلسُ التّالي، فلا تجب سجدة أخرى على السّامع. ولو أخفاها القارئُ عن السَّامع، فإنّهُ يُستحسنُ له ذلك، لئلا تجب على السّامع فإنَّهُ رُبّما يكونُ السّامعُ غيرَ متوضئ.