سرية الخبط:
جرت العديد والكثير من الغزوات والسرايا في عهد رسول الله محمد صلى الله وسلم، وكان هناك أهداف وغايات من تلك السرايا والغزوات، ولكن الهدف الأسمى من تلك السرايا والغزوات نشر الدين الإسلامي، حيث بنشر الدين الإسلامي انتشر الأمن والأمان والسلام في مكة المكرمة وفي كل مكان، وكان أيضاً من هذه الأهداف هو تحقيق سيادة المسلمين في الأرض وأيضاً استخلافهم فيها، وكانت من هذه الأهداف هو هزيمة الكفر والشرك ونشر دين الإسلام وأيضاً كشف العديد والكثير من مكائد اليهود وخبثهم، عوضاً عن إتقان جيش المسلمين للخطط العسكرية والحربية.
السرية : وهي التي لم يشارك رسول الله سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم فيها، بل من شارك فيها وقادها هو أحد الصحابة الكرام وكان للسرايا دور كبير وعظيم في ردع الكفار والمشركين.
ما سبب تسمية السرية بالخبط:
وكان سبب تسمية تلك السرية بهذا الاسم نسبة إلى ورق شجر أكله الصحابة الكرام رضوان الله عليهم من شدة الجوع وذلك خلال سرية التي كانت ترصد عير قريش على ساحل البحر.
متى وقعت سرية الخبط وأين:
وقت سرية الخبط في السنة السادسة من الهجرة النبوية الشريفة (وفي رواية ثانية في السنة الثامنة من الهجرة النبوية الشريفة)، حيث كانت على بعد مسافة خمس ليال من المدينة المنورة وهي قريبة من جهينة على ساحل البحر.
من قائد سرية الخبط:
كان قائد سرية الخبط هو الصحابي الجليل المجاهد أبوعبيدة بن الجراح رضي الله عنه والذي يلقب بـ “أمين الأمة”، حيث خرج على رأس عدد ثلاثمائة من أصحابه الكرام وذلك لملاقاة قافلة قبيلة قريش.
أسباب سرية الخبط:
كانت أسباب تلك السرية هو إظهار منعة وقوة جيش المسلمين أمام قبيلة جهينة وأيضاً تحييدها في أي خصومة مع قبيلة قريش بحيث أنّها لا تنحاز للكفار والمشركين.
حيث قد رأى مؤرخون أنّها كانت ترصد عير وقوافل قريش التي كانت تمر بهذا الساحل، وكانت تستطلع تحالفات القبائل مع قبيلة قريش، والمرجح في ذلك هو أن السرية لم تكن تستهدف نية القتال بحد ذاته، ولكنّها كانت تستهدف دعوة القبائل للدخول في دين الله الإسلام.
أحداث سرية الخبط:
أرسل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم الصحابي الجليل أبا عبيدة بن الجراح رضي الله عنه في حشد وجمع من الصحابة الكرام، حيث كان فيهم الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى حي من أحياء جهينة.
حيث لم يجد جيش المسلمين أي كيد، غير أنّ الجوع الشديد أصاب ذلك الجيش، عندها أكلوا الخبط ، (والخبط هو ورق الشجر)، وقد ابتاع لهم قيس بن سعد بن عبادة جزرًا (بعيرا) ومن ثم نحرها للجيش .
وقد قيل أنّ الصحابة الكرام قد تقرحت أشداقهم بسبب ذلك الجوع، حيث قد أعطى الصحابي الجليل أبو عبيدة عامر بن الجراح لكل واحد من الجيش تمرة يمصها ومن ثم يصرها في ثوبه.
وعندما بلغ نبأ الجذور التي قام قيس بن سعد بذبحها لإطعام جيش المسلمين، قال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: “إنّه في بيت جود” (رواه البخاري)، وكان الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه والصحابي أبو عبيدة رضي الله عنه قد نهيا قيس بن سعد عن الاستمرار في ذبح الجذور (البعير) قائلين: “إنّما ينفق مال أبيه”.(السيرة الحلبية)
وقد حدث أن رمى لهم البحر أحد الحيتان التي يقال لها (العنبر)، فقد أكلوا من الحوت مدة نصف شهر وقد صحت أجسادهم بسبب دهنه .(الطبقات لابن سعد)
وعن الصحابي جابر رضي الله تعالى عنه: “فلما قدمنا المدينة ذكرنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أمر العنبر، فقال صلى الله عليه وسلم: «رزق أخرجه الله تعالى لكم، لعل معكم من لحمه شيء فتطعمونا»، فأرسلنا إلى رسول الله فأكله” (مسلم).
نتائج سرية الخبط:
ومن ثم رجع الصحابة إلى المدينة المنورة وقد حققوا ما كانت تهدف إليه تلك السرية بإظهار شوكة وقوة المسلمين ولم يلقوا أي غدر من أي أحد.
دروس من سرية الخبط:
- من دروس تلك السرية هو تحمل الصحابة الكرام رضوان الله عليهم لمشاق ومتاعب الجهاد وذلك لإعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى.
- كثرة محبة الصحابة الشديدة للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، حيث كانوا يشركونه في أي فعل يحبونه.
- صفة الكرم الجميلة التي عرف بها كثير من الصحابة الكرام كسعد بن عبادة وولده (ذبح الإبل).
- الحق يجب أن يحتاج لقوة تعينه، حيث ترصدت سرية المسلمين لقوافل قبيلة قريش والذي كان ذلك تمهيدًا للصلح والفتح فيما بعد.