سرية خالد بن الوليد لهدم العُزّى:
جرت العديد والكثير من الغزوات والسرايا في عهد رسول الله محمد صلى الله وسلم، وكان هناك أهداف وغايات من تلك السرايا والغزوات، ولكن الهدف الأسمى من تلك السرايا والغزوات نشر الدين الإسلامي، حيث بنشر الدين الإسلامي انتشر الأمن والأمان والسلام في مكة المكرمة وفي كل مكان، وكان أيضاً من هذه الأهداف هو تحقيق سيادة المسلمين في الأرض وأيضاً استخلافهم فيها، وكانت من هذه الأهداف هو هزيمة الكفر والشرك ونشر دين الإسلام وأيضاً كشف العديد والكثير من مكائد اليهود وخبثهم، عوضاً عن إتقان جيش المسلمين للخطط العسكرية والحربية.
السرية : وهي التي لم يشارك رسول الله سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم فيها، بل من شارك فيها وقادها هو أحد الصحابة الكرام وكان للسرايا دور كبير وعظيم في ردع الكفار والمشركين.
زمان سرية خالد إلى العُزَّى ومكانها:
وقعت تلك السرية في شهر رمضان الكريم وذلك في العام الثامن للهجرة النبوية الشريفة، وكان ذلك عند صنم في نخلة شرق مكة المكرمة بين الطائف ومنطقة تدعى هذيل. [ابن سعد 2/145]
القيادة في سرية هدم العُزَّى:
كان قائد تلك السرية هو الصحابي الجليل خالد بن الوليد رضي الله عنه، وكان معه عدد ثلاثين من المسلمين.
أسباب سرية هدم العُزَّى:
وكان سبب تلك السرية هو تخليص الجزيرة من عبادة الأصنام والأوثان التي كانوا يعبدونها من دون الله تعالى من دون الله الواحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، وكان من بينها ذلك الصنم والذي يمنحونه عبادة وقداسة كبيرة في قبيلة قريش وكانوا يجعلون لذلك الصنم سدنة ويطوفون حول هذا الصنم.
أحداث سرية هدم العُزَّى:
وكانت أحداث تلك السرية تدور هو بعد أن فتح الله عز وجل على المسلمين ودخلوا الكعبة في مكة المكرمة ومن ثك قاموا بهدم كل أصنامها وازاحوا ودمروا أوثانها، كان ذلك هو موعد تخليص مكة المكرمة وكل مكان في الجزيرة العربية من عبادة وتقديس الوثنية والأصنام وهي التي كان البشر يقدسونها ويعبدونها من دون الله عز وجل، وكان منها صنم العُزي. [ابن سعد: سابق]
صنم العُزَّى قبل الإسلام:
يعتبر صنم العُزَّى من أكبر أصنام قبيلة قريش وقبيلة بني كنانة وهو الصنم الذي كانوا يطوفون حوله كما يفعلون مع الكعبة المشرفة.
وكانت قبيلة ثقيف وقبيلة قريش يعبدون صنم العزى، واسمه يعني الصنم الأعز، وهو صنم أنثى، حيث كانوا يسمون بعض الأبناء عندهم أسم “عبدالعزى”.
وقد نزل فيه قول الله سبحانه وتعالى: (أفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى)….[النجم: 19،20]، وكان العديد من العرب يعتقد أن هذه الأصنام هي بنات الله فيعبدونها ويقدسونها وحاشاه الله سبحانه عما يقولون.
وقد كان الرجل الذي يسمى أبوسفيان يرفع صنم العُزَّى شعارًا وذلك في غزوة أُحد حينما قال: “لنا العزي ولا عزي لكم”، فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالرد عليه «الله مولانا ولا مولى لكم»”[رواه البخاري: 4043]
رسول الله يأمر بهدم الأصنام:
عندما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة المكرمة، أرسل النبي محمد صلى الله عليه وسلم الصحابي الجليل خالد بن الوليد رضي الله عليه وسلم إلى نخلة شرقاً حيث يوجد عندها صنم العزي، حيث تراوحت الآراء والأقوال بين كونه حجراً ذو لون أبيضاً أو عدة شجيرات أو أنّه كان بيتاً في الطائف تعبده العرب في وقت الجاهلية.
وعندما وصل الصحابي خالد بن الوليد إلى موقع ومكان الصنم، وقد وجد عدد ثلاث شجرات فقام بقطعها، ومن ثم هدم البيت الذي كان عليها، وذلك ظناً منه أنّه انتهى منه.
وبعد ذلك عاد الصحابي خالد بن الوليد رضي الله عنه يخبر النبي الكريم بما قام بفعله، حيث جاء أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم سأله: “ما رأيت؟ فأجابه، فرد عليه: “ارجع فإنك لم تصنع شيئا” [سنن البيهقي: 6/474].
عندما دخل الصحابي خالد بن الوليد مكان الصنم شاهده ورأه سدنة الصنم (حجابه)، وقد كانوا من بني شيبان من بني سليم حلفاء بني هاشم، حينها فتوغلوا عند الجبل، وقد قال كبير هؤلاء الحجبة يحرض امرأة الصنم على القيام بالقتال:
“أيا عز شدي شدة لا شوى لها…… على خالد ألقي القناع وشمري
أيا عز إن لم تقتلي المرء خالدا ….. فبوئي بإثم عاجل أو تنصَّري”
حيث قد خرجت إلى الصحابي الجليل خالد بن الوليد من ذلك البيت مكان الصنم امرأة سوداء وكانت هذه المرأة شبه عارية ناشرة شعرها، لكنّ خالد علاها بالسيف ومن ثم قتلها، وقد جعل يقول:
يا عُزَّى كفرانك لا سبحانك……إني رأيت الله قد أهانك
وبعد ذلك خرّب خالد بن الوليد رضي الله البيت الذي كانت فيه، ومن ثم قام بأخذ ما كان فيه من الأموال، وبعد ذلك عاد إلى المدينة المنورة فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاء أنه رد عليه: ” تلك العُزّى، ولا عُزّى بعدها للعرب، أما إنّها لن تُعبد بعد اليوم”[البداية والنهاية، ابن كثير، 3/597]
نتيجة سرية صنم عُزَّى:
كانت نتيجة تلك السرية هو محو وتدمير أعظم أصنام العرب العزي وكان ذلك بقتل المرأة التي تسكنه ومن ثم هدم البيت والشجرات التي حوله.
الدرس المستفاد من هدم العزى:
كان من الدروس المستافدة هو أن عز الإنسان يكون في عبادته لله سبحانه وتعالى، حيث قد رأينا مدى التردي الكبير في عبادة الأوثان والأصنام والتي هي أحجار انخدع العرب فيها.