سرية زيد بن حارثة إلى القردة:
جرت العديد والكثير من الغزوات والسرايا في عهد رسول الله محمد صلى الله وسلم، وكان هناك أهداف وغايات من تلك السرايا والغزوات، ولكن الهدف الأسمى من تلك السرايا والغزوات نشر الدين الإسلامي، حيث بنشر الدين الإسلامي انتشر الأمن والأمان والسلام في مكة المكرمة وفي كل مكان، وكان أيضاً من هذه الأهداف هو تحقيق سيادة المسلمين في الأرض وأيضاً استخلافهم فيها، وكانت من هذه الأهداف هو هزيمة الكفر والشرك ونشر دين الإسلام وأيضاً كشف العديد والكثير من مكائد اليهود وخبثهم، عوضاً عن إتقان جيش المسلمين للخطط العسكرية والحربية.
السرية : وهي التي لم يشارك رسول الله سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم فيها، بل من شارك فيها وقادها هو أحد الصحابة الكرام وكان للسرايا دور كبير وعظيم في ردع الكفار والمشركين.
وبعد هزيمة قريش في غزوة بدر أصبحت قريش تخاف على قوافلها وبعيرها من طريقهم التي يسلكونها باتجاه الشام حين كان من وقعة غزوة بدر ما كان لهم من الخسائر، عندها اصبحوا يسلكوا طريق العراق، فخرج من قبيلة قريش عدّة تجار، حيث كان فيهم أبو سفيان بن حرب، وكان معهم من الفضة الكثير، وهي أكثر تجارتهم، حيث قد استأجروا عندها رجلاً يقال له: فرات بن حيان وهو من كان يدلهم في طريق العراق.
عندها أرسل رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم الصحابي الجليل زيد بن حارثة رضي الله عنه، فلقيهم زيد على ذلك الماء، فأصاب من تلك العير وما فيها ما أصاب، وقد أعجزه الرجال، فقدم بتلك العير على رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم.
فقال الصحابي الجليل حسان بن ثابت بعد أُحدُ في غزوة بدر يؤنب فيها قريشًا في أخذها تلك الطريق:
“دَعوُا فلجاتِ الشام قد حال دُونها … جلاَدٌ كأفواه المخاض الأوارك
بأيدي رجال هاجروا نحو ربهم… وأنصارِه حَقًّا وأيدي الملائك
إذا سلَكتْ للغور من بطنِ عالٍج … فقولا لها ليس الطر يقٌ هنالك”.
وكانت توقيت تلك السرية في شهر جمادى الآخرة، وقد كانت أول سرية يخرج فيها الصحابي الجليل زيد بن حارثة أميراً لها.
وقد أرسله رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم حتى يعترض العير لقريش، وكان فيها فيها صفوان بن أمية، وحويطب بن عبد العزى، وكان أيضاً عبد اللهّٰ بن أبي ربيعة، وكان معه مال كثير ومعه آنية من فضة وزن ثلاثين ألف درهم.
وكان دليل المشركين هو فرُاَت بن حَيَاّن، فخرج بهم فرات على ذات عِرْق طريق العراق، وقد بلغ رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم أمرهم في ذلك الخروج، فوجه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الصحابي الجليل زيد بن حارثة ومعه مائة راكب، حينها اعترض لها فأصابوا العير، وقد أفلت أعيان القوم، وقدموا بتلك العير وما فيها على رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم، فَخمََّسهَا، حينها بلغ الخمُسْ قيمة عشرين ألف درهم، ومن ثم قسم ما بقي على أهل تلك السرية.
وقد أُسرِ الدليل الذي كان مع قافلة قريش وهو فرات بن حيان فأتي به النبي صلى اللهّٰ عليه وسلم، فقيل لفرات إن تسلم تترك، فأسلم حينها فرات بن حيان، فتركه رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم من القتل، وقد حَسُن إسلام فرات بعد هذا. وفيه قال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم:
“إنّ منكم رجالًا نكلهم إلى إسلامهم، منهم: فرُات”.