سرية زيد بن حارثة إلى حسمى:
جرت العديد والكثير من الغزوات والسرايا في عهد رسول الله محمد صلى الله وسلم، وكان هناك أهداف وغايات من تلك السرايا والغزوات، ولكنّ الهدف الأسمى من تلك السرايا والغزوات نشر الدين الإسلامي، حيث بنشر الدين الإسلامي انتشر الأمن والأمان والسلام في مكة المكرمة وفي كل مكان، وكان أيضاً من هذه الأهداف هو تحقيق سيادة المسلمين في الأرض وأيضاً استخلافهم فيها، وكانت من هذه الأهداف هو هزيمة الكفر والشرك ونشر دين الإسلام وأيضاً كشف العديد والكثير من مكائد اليهود وخبثهم، عوضاً عن إتقان جيش المسلمين للخطط العسكرية والحربية.
السرية : وهي التي لم يشارك رسول الله سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم فيها، بل من شارك فيها وقادها هو أحد الصحابة الكرام وكان للسرايا دور كبير وعظيم في ردع الكفار والمشركين.
كانت سرية الصحابي الجليل زيد بن حارثة إلى حِسْمَى، والحسمى هي وراء وادي القُرىَ، وقد كانت تلك السرية في شهر جمادى الآخرة، من السنة السادسة من الهرة النبوية الشريفة.
وقد كان سببها: هو أن رجل من الصحابة الكرام اسمه دحية بن خليفة الكلبي رضي الله عنه أقبل من عند قيصر، وقد أجازه القيصر كما أنّه كساه، ومن ثم لقيه رجل اسمه الهنيد بن عارذ وابنه عارض بن الهنيد، عندها قطعوا عليه الطريق، حينها لم يتركوا عليه قطاع الطرق إلا سَملَ ثوب، بعد ذلك سمع بهذا الأمر عدة نفر من بني الضبيب، فنفروا وخرجوا إليهم، عندها استنقذوا لللصحابي دحية بن خليفة ما كان له من متاع، ومن ثم قدم دحية رضي الله عنه على النبي الكريم محمد صلى اللّٰه عليه وسلم فأخبره بذلك الأمر وما حصل له.
عندها أرسل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم الصحابي الجليل زيد بن حارثة رضي الله عنه ومعه عدد خمسمائة رجل ومن ثم وردَّ معه الصحابي الجليل دحية رضي الله عنه، وكانت سرية الصحابي زيد بن الحارثة تسير في وقت الليل وكانت تكمن في وقت النهار، وكان مع السرية دليل من بني عُذْرة.
وكانت أحداث السرية حرت بعد أن أقبل بهم حتى غار بهم مع وقت الصبح على القوم، وبعدما أغاروا عليهم قتلوا فيهم، وقد أوجعوا في القتال ومن ثم قتلوا الهنيد ومعه ابنه، ومن ثم أغاروا على كل ما لديهم من مواشي ومن النعم، حيث أخذوا من النعم عدد ألف بعير، وقد أخذوا من الشاة عدد خمسة آلاف شاة، واخذوا من السبي عدد مائة من النساء والصبيان.
بعد ذلك رحل زيد بن رفاعة الجذامي ومعه رجال من قومه إلى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، عندها دفع إلى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم كتابه والذي كان كتب له ولقومه، ومن ثم أسلم، وقال: “يا رسول اللّٰه، لا تُحرم علينا حلالًا، ولا تحل لنا حرامًا. قال: فكيف أصنع بالقتلى؟ قال أبو يزيد بن عمرو : أطلق لنا يا رسول اللّٰه من كان حًيّا، ومن قتل فهو تحت قدمي هاتين، فقال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم: صدق أبو زيد”،فأرسل النبي معهم علًيّا إلى الصحابي الجليل زيد بن حارثة رضي الله عنه، حيث كان يأمره أن يدعهم وأن يخلي بينهم وبين ما أخذوا من حرمهم ومن أموالهم.
بعد ذلك توجه الصحابي علي بن أبي طالب وقد وجد ولقي “رافع بن مَكِيث الجهني وبشير بن حارثة” على أحدى النوق من إبل ذلك القوم، عندها ردها علي على القوم بسبب تلك الاتفاقية، وقد لقي زيدًا بالفحلتين، الفحلتين هي مكان بين المدينة المنورة وبين ذي المروة، حينها أبلغه وأوصل إليه أمر رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، ومن ثم ردّ إلى الناس جميع ما كان قد أخذ.
وكانت سرية الصحابي الجليل زيد بن الحارثة إلى الحسمى من سلسلة السرايا التي قادها الصحابي زيد بن الحارثة رضي الله عنه، وكانت في السنة السادسة من الهجرة النبوية الشريفة، وقد أثبتت تلك السرية أن المسلمين لديهم وفاء بعهودهم واتفاقياتهم مع أي جهة، ولم يثبت عليهم أبداً أنهم خالفوا أو غدروا في أي عقد أو عهد كان بينهم وبين أي جهة، وهذا ما يحث عليه ديننا الحنيف من أهمية الوفاء وعدم الغدر بأي عهد أو عقد أو كتاب مع أي طرف أو أي جهة.