سرية عبد الرحمن بن عوف إلى دومة الجندل

اقرأ في هذا المقال


سرية عبد الرحمن بن عوف إلى دومة الجندل:

جرت العديد والكثير من الغزوات والسرايا في عهد رسول الله محمد صلى الله وسلم، وكان هناك أهداف وغايات من تلك السرايا والغزوات، ولكن الهدف الأسمى من تلك السرايا والغزوات نشر الدين الإسلامي، حيث بنشر الدين الإسلامي انتشر الأمن والأمان والسلام في مكة المكرمة وفي كل مكان، وكان أيضاً من هذه الأهداف هو تحقيق سيادة المسلمين في الأرض وأيضاً استخلافهم فيها، وكانت من هذه الأهداف هو هزيمة الكفر والشرك ونشر دين الإسلام وأيضاً كشف العديد والكثير من مكائد اليهود وخبثهم، عوضاً عن إتقان جيش المسلمين للخطط العسكرية والحربية.
السرية : وهي التي لم يشارك رسول الله سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم فيها، بل من شارك فيها وقادها هو أحد الصحابة الكرام وكان للسرايا دور كبير وعظيم في ردع الكفار والمشركين.

كان سبب تسمية تلك السرية بذلك الاسم هو نسبة إلى موضع ومكان تقطن وتسكن فيه قبيلة بني كلب النصرانية، وهي التي بعث نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم سرية إليها.

متى كانت سرية ابن عوف إلى دومة الجندل وأين:

كانت تلك السرية في شهر شعبان من السنة السادسة من الهجرة النبوية الشريفة عند (دومة الجندل) وهي قريبة من تخوم الشام، فهي تبعد مسافة ثلاثة أضعاف عن المدينة المنورة بعدها عن دمشق.

من قائدها:

كان قائد تلك السيرة الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، وهو أحد الصحابة المجاهدين الكبار وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وقد خرج ومعه سبعمئة مقاتل من أصحابه الكرام،وقد دخلوا في النصرانية؛ وكان ذلك نتيجة جوارهم وتأثرهم الكبير بجوار الروم النصارى.

أسباب سرية عبد الرحمن بن عوف إلى دومة الجندل:

وكان أسباب تلك السرية هو دعوة القبائل المشركة لدين الله الإسلام والتوحيد الخالص لله الواحد الأحد، وسرية الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف تدخل ضمن مخطط النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في احتكاكه مع الامبراطوريَّة الرومانية.

أحداث سرية ابن عوف إلى دومة الجندل:

أرسل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم الصحابي عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه على رأس سريّة إلى قبيلة كلب في دومة الجندل، وأمره أن لا يغل وأن لا يغدر وأن لا يقتل وليدًا.

وقد جاءهم عبد الرحمن بن عوف فمكث عندهم مدة ثلاثة أيام يدعوهم إلى دين الله الإسلام، عندها أسلم رئيسهم ويدعى الأصبغ بن عمرو الكلبي وقد كان الأصبغ نصرانيّا وأسلم معه كثير من الناس من قومه، وقد أقام من كان قد أقام على إعطاء الجزية، وقد تزوج الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه تماضر وهي بنت الأصبغ ومن ثم قدم بها إلى المدينة المنورة.

وتفصيل ذلك هو أنّه عندما دعا الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه فقال صلى الله عليه وسلم “تجهز فإني باعثك في سرية من يومك هذا، أو من غد إن شاء الله»، ثم أمره أن يسير من الليل إلى دومة الجندل فيدعوهم إلى الإسلام ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن «ما خلفك عن أصحابك»”، ومن ثم مضى أصحابه في السحر وقد عسكروا في الجرف وكان عددهم سبعمائة رجل من الصحابة الكرام، فقال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: “أحببت يا رسول الله أن يكون آخر عهدي بك وعلي ثياب سفري”.

وكان على الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه عمامة قد لفها عبد الرحمن على رأسه، عندها دعاه النبي الكريم محمد صلى الله علليه وسلم عندها أقعده بين يديه ومن ثم نقض عمامته بيده وبعد ذلك عمَّمه بعمامة سوداء ومن ثم أرخى بين كتفيه منها، وبعد ذلك قال: “هكذا فاعتم يا ابن عوف فإنه أحسن وأعرف”، ومن ثم أمر الصحابي بلال أن يقوم بدفع اللواء إليه، بعد ذلك دفعه إليه فحمد الله سبحانه وصلى على نفسه ومن ثم قال: “خذه يا ابن عوف، اغزوا جميعاً في سبيل الله”، فأخذ الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف ذلك اللواء ، وفي رواية: “اغز باسم الله وفي سبيل الله فقاتل من كفر بالله، لا تغل، ولا تغدر، ولا تقتل وليداً، فهذا عهد الله وسيرة نبيه فيكم”، عندها ذلك خرج إلى دومة الجندل، حتى لحق أصحابه الكرام ومن ثم سار حتى قدم ووصل دومة الجندل .

وقال ابن عمر: “ثم بسط النبي صلى الله عليه وسلم يده فقال: «يا أيها الناس اتقوا خمساً قبل أن يحل بكم: ما نقص مكيال قوم إلا أخذهم الله بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يرجعون، وما نكث قوم عهدهم إلا سلط الله عليهم عدوهم، وما منع قوم الزكاة إلا أمسك الله عليهم قطر السماء، ولولا البهائم لم يسقوا، وما ظهرت الفاحشة في قوم إلا سلط الله عليهم الطاعون، وما حكم قوم بغير آي القرآن إلا ألبسهم الله شيعاً، وأذاق بعضهم بأس بعض»” .

فعندما حل بها دعاهم إلى الدخول في دين الله الإسلام فمكث فيها مدة ثلاثة أيام يدعوهم فيها إلى الدخول في دين الله الإسلام، وقد كانوا رفضوا ذلك أول ما قدم، فعندما جاء اليوم الثالث أسلم حينها رئيسهم الذي يدعى الأصبغ بن عمرو الكلبي وكان على دين النصرانية وقد كان على رأسهم ، فكتب الصحابي عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه إلى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يخبره بذلك الأمر ومن ثم بعث رجلًا من جهينة يسمى ذلك الرجل رافع بن مكيث، وقد كتب يخبر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أنّه قد أراد أن يتزوج فيهم، بعد ذلك كتب إليه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أن يتزوج بنت الأصبغ تماضر، عندها تزوجها الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف ومن ثم بنى بها ، وبعد ذلك أقبل بها.

ما هي نتائج سرية عبد الرحمن بن عوف إلى دومة الجندل:

كانت نتائج تلك السرية هو دخول قبيلة بني كلب إلى دين الله الإسلام وأيضاً زواج الصحابي عبد الرحمن بن عوف من ابنت سيد القبيلة .

ما هي الدروس المستفاد من سرية عبد الرحمن بن عوف إلى دومة الجندل:

من أهم الدروس المستفادة من سرية الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف هو تواضع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وقد ألبس الصحابي عبد الرحمن بن عوف عمامته بيده عليه الصلاة والسلام، وكان ذلك أيضاً لرفع معنويات عبد الرحمن بن عوف، ما يفيد في ذلك هو حكمته عليه الصلاة والسلام كقائد، وقد كان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم محنكًا بشكل كبير في تأليف القبائل المشركة ومن ذلك مصاهرتها، كما يستفاد أيضاً هو استعانة المسلمين بالله سبحانه وتعالى فالأمر بالغزو باسمه سبحانه وتعالى، أي أنه جهاد للدين ولرفع مكانة الإسلام وليس لمصالح شخصية أو دنيوية، حيث كان يحرص النبي صلي الله عليه وسلم حرصاً كبيرًا في اختيار القادة الشجعان وعبد الرحمن بن عوف من كبار المجاهدين، كما أنه كان جيشه يضرب في الصحراء المترامية وكان يستهدف نشر دين الإسلام ونشر العقيدة الإسلامية في شمال الجزيرة العربية.

وكان أيضاً من الدروس المستفادة المهمة جداً في تلك سرية عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه هو قيم القتال في دين الإسلام وتشمل تلك القيم:
عدم الغلو (والمقصود في ذلك هو الأخذ من الغنيمة قبل أن يتم تقسمتها)، وأيضاً عدم الغدر وعدم النكث وأيضاً عدم قتل غير المقاتلين، لأنّ الله سبحانه وتعالى قد حرم الظلم على نفسه وقد جعله محرمًا أيضاً بين العباد، كما يستفاد أيضاً من تلك السرية أن هدف الأسمى في الجهاد في دين الله الإسلام هو نشر الدعوة الإسلامية وليس الأمر من الجهاد هو القيام بجمع وجني الغنائم ولا سفك الدماء؛ لأنّ كل يمكن أن يتحقق بالكلمة لا يلجأ فيه للسيف أبداً، بل الأصل في ذلك هوا حفظ النفس.

وكانت تلك السرية هي من سلسلة السرايا التي كانت في عهد النبس الكريم محمد صلى الله عليه وسلم حيث كان قائد تلك السرية هو الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، وكانت هناك أحداث تثبت أن الجهاد في دين يكون لنشره وليس لقتل الناس وأخذ الغنائم، فالغاية الأساسية لهذه السرايا هو نشر الدين الإسلامي وأن يوضع للناس الصورة الحقيقة لهذا الدين الحنيف الصحيح العادل.


شارك المقالة: