سرية غالب الليثي إلى بني الملوح:
جرت العديد والكثير من الغزوات والسرايا في عهد رسول الله محمد صلى الله وسلم، وكان هناك أهداف وغايات من تلك السرايا والغزوات، ولكن الهدف الأسمى من تلك السرايا والغزوات نشر الدين الإسلامي، حيث بنشر الدين الإسلامي انتشر الأمن والأمان والسلام في مكة المكرمة وفي كل مكان، وكان أيضاً من هذه الأهداف هو تحقيق سيادة المسلمين في الأرض وأيضاً استخلافهم فيها، وكانت من هذه الأهداف هو هزيمة الكفر والشرك ونشر دين الإسلام وأيضاً كشف العديد والكثير من مكائد اليهود وخبثهم، عوضاً عن إتقان جيش المسلمين للخطط العسكرية والحربية.
السرية : وهي التي لم يشارك رسول الله سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم فيها، بل من شارك فيها وقادها هو أحد الصحابة الكرام وكان للسرايا دور كبير وعظيم في ردع الكفار والمشركين.
موقع وزمان سرية عبدالله الليثي:
وقعت سرية الصحابي الجليل غالب الليثي في شهر صفر من العام الثامن من الهجرة النبوية الشريفة، وكانت تلك السرية بمكان يسمّى “الكديد” وهو في الحجاز يبعد مسافة اثني وأربعين ميلاً من مكة المكرمة، وهي في الطريق بينها وبين عسفان.
قائد السرية إلى بني الملوح:
وكان قائد تلك السرية هو الصحابي الجليل غالب بن عبدالله الليثي رضي الله عنه، وفي هذه السرية كانت بأمر من النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد كان صحبته بضعة عشرة رجلًا من المسلمين، حيث كانوا على الأرجح عدد مئة وثلاثين رجلاً، حيث قد خرجوا في مواجهة قبيلة بني الملوح (وهو فرع من بني ليث) وهم قوم من أقوام العرب.
وكان الصحابي الجليل غالب بن عبد الله الليثي مرسلًا ومبعوثاً للعديد من البعثات والسرايا المتتابعة والمتتالية قبل عدّة أشهر فحسب، وكان منها سريته إلى بني ثعلبة وأيضاً إلى بني عوال في الميفعة.
أسباب الوقوع:
وكانت أسباب خروج تلك السري هو تأديب أعراب تلك القبيلة ممن كانوا قد ظاهروا على المسلمين قبل حين ضمن بعوث وسرايا النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وذلك لمنع تحالفاتهم ضد دولة الإسلام والمسلمين الجديدة، وأيضاً لاستطلاع أنبائهم.
أحداث سرية عبدالله الليثي لبني الملوح:
بعث النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم الصحابي الجليل غالب بن عبد الله الليثي رضي الله عنه إلى بني الملوح، فسارت السرية في أصحابه الكرام رضوان الله عليهم، حتى التقوا يرجل يُسمّى “ابن البرصاء” وهو الحارث بن مالك الليثي، حينها قاموا بأسره، وقد كان الحارث الليثي خصمًا وعدواً لدودًا للمسلمين والإسلام، وقد ادعى لما رآهم أنّه قد أتى حتي يعلن دخوله في دين الإسلام، حينها ربطوه مدة ليلة وذلك حتى يستوثقوا من أمر الحارث، وعندما وصلت سرية المسلمين إلى قوم بني الملوح، بقيت في ناحية الوادي في وقت غروب الشمس.
وقد خرج منادٍ في المشركين يخبرهم بالذي علم به، حينها احتشدوا وتجمعوا بأعداد كبيرة وهائلة، ولكنّ الله سبحانه وتعالى منّ على المسلمين بأن منع عنهم أكف وشرَّ الأعداء المشركين .[طبقات ابن سعد 2/123]
وفي رواية للصحابي الجليل جندب الجهني رضي الله عنه أنّه قد أرسله سرية المسلمين وذلك حتى يكون عينًا لهم على الأعداء (أي أن يتجسس عليهم) قبل أن تهجم السرية، حيث قد اتخذ سترا بتلة عالية ومرتفعة، ومن ثم انبطح عليها، فإذا بأحد الرجال الحراس يلاحظ حينها سوادًا شديداً وومن ثم يشك بأمره، فأرسل اثنين من سهامه تجاه تلك التلة، فأصاب حينها الصحابي جندب وقد جاهد جنب حتى يتكتم أمره ولا يصيح ألما، وعندما اطمأن ذلك الرجل إلى عدم وجود أي أحد، نام الرجل في بيته، فعندما أصبح القوم حدثت وقائع هجمة المسلمين بشكل مباغت، وقد من الله سبحانه وتعالى بأن أرسل سيلًا قوياً شديدًا جعل قوم بني الملوح ينظرون إلى ما يملكون من أنعام وهي تُساق بأيدي سرية المسلمين ولا يمكنهم استنقاذها.[السيرة الحلبية، 1012]
نتائج السرية:
كتنت نتيجة تلك السرية هو انتصار المسلمين، وأيضاً استطلاع أنباء الأعراب في هذه القبيلة وإظهار المنعة والقوة عليها وذلك باغتنام ما لديهم من أنعام.
دروس من سرية عبدالله الليثي لبني الملوح:
- كان من الدروي المستفادة هو شجاعة المقاتل المسلم الصحابي الجليل عبدالله الليثي والصحابي جندب الجهني نموذجًا يقتدى به، وأيضاً صبره على المكاره عند الجهاد في سبيل الله تعالى.
- نصر الله سبحانه وتعالى لأعوان الحق على أعوان الباطل والشر عندما يأخذون بالأسباب.
- حنكة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم كقائد عسكري ذو فكر كبير في مبادأة الخصوم بالهجمات المتتالية والمستمرة التي تفقد الأعداء توازنهم وتحقق الرهبة والخوف المطلوبين.
- حكمة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في اتخاذ واختيار قادة السرايا، وقد عهد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إلى الصحابي الجليل غالب بن عبد الله الليثي مرات عديدة في قيادة السرايا المتتابعة، بسبب علمه بقدراته وعزيمته أيضاً .