اقرأ في هذا المقال
- سرية غالب بن عبد الله إلى الميفعة
- متى وقعت سرية غالب بن عبدالله وأين
- من قائد السرية
- أسباب سرية الصحابي غالب إلى الميفعة
- أحداث سرية غالب إلى الميفعة (بني ثعلبة)
- الموقف الذي قاد إلى حرمة قتل من نطق الشهادة في هذه السرية
- نتائج السرية
- ما الدرس المستفاد من سرية غالب إلى الميفعة
سرية غالب بن عبد الله إلى الميفعة:
جرت العديد والكثير من الغزوات والسرايا في عهد رسول الله محمد صلى الله وسلم، وكان هناك أهداف وغايات من تلك السرايا والغزوات، ولكن الهدف الأسمى من تلك السرايا والغزوات نشر الدين الإسلامي الحنيف، حيث بنشر الدين الإسلامي انتشر الأمن والأمان والسلام في مكة المكرمة وفي كل مكان، وكان أيضاً من هذه الأهداف هو تحقيق سيادة المسلمين في الأرض وأيضاً استخلافهم فيها، وكانت من هذه الأهداف هو هزيمة الكفر والشرك ونشر دين الإسلام وأيضاً كشف العديد والكثير من مكائد اليهود وخبثهم، عوضاً عن إتقان جيش المسلمين للخطط العسكرية والحربية.
السرية : وهي التي لم يشارك رسول الله سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم فيها، بل من شارك فيها وقادها هو أحد الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين وكان للسرايا دور كبير وعظيم في ردع الكفار والمشركين عمَّا كانوا يفعلونه من أفعال تغضب وجه الله العظيم.
متى وقعت سرية غالب بن عبدالله وأين:
وقعت أحداث تلك السرية في شهر رمضان المبارك وذلك في السنة السابعة من الهجرة النبوية الشريفة، وكانت تلك السرية بعد غزوة“ذات الرقاع” وهي التي كانت ضد بني غطفان، وكانت عند ماء تسمى الميفعة والميفعة هي وراء بطن نخل إلى النقرة، وهي أيضاً بناحية من نجد.
من قائد السرية:
قائد السرية هو الصحابي الجليل غالب بن عبد الله الليثي رضي الله عنه، حيث كان قد خرج معه رجال مسلمين عددهم مائة وثلاثين رجلًا من أصحاب النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم أجمعين.
أسباب سرية الصحابي غالب إلى الميفعة:
بعد أن فرغ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من دحر وتخويف اليهود في خيبر، ودحر وخويف والقضاء على غيرها من الحصون التي كانت منيعة في عند اليهود، حينها تفرغ النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لتأديب الأعراب الذين قد أساءوا التعامل عند انشغال المسلمين بقتال ومحاربة قبيلة قريش وأيضاً القبائل المناوئة واليهود في خيبر، حيث قاموا بعدة أعمال سلب ونهب في جماعات وفرق تشبه في العصابات، عندها أصبحوا مناقضين لعهدهم مع الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
أحداث سرية غالب إلى الميفعة (بني ثعلبة):
عندما عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة الكدر أقام النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أيامًا في المدينة المنورة، بعد ذلك أخبره مولاه والذي يدعى “يسار” بما قامت به بني عبد بن ثعلبة من أفعال حينما هاجمت هجوماً مباغتاً ومن ثم تربصت للمسلمين، وقد طلب منه أن يرسل معه إليهم حشدًا وجمعاً للقتال.
عند ذلك بعث النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم الصحابي غالب بن عبد الله ومعه الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين، وكان يتقدمهم مولى النبي محمد عليه الصلاة والسلام (يسار)، ومن ثم ساروا يبحثون عن أثر الأعراب حتى فني وخَلُصَ الزاد الذي معهم، حتى أنّه قد أصابهم التعب والجهد، لدرجة أنهم اقتسموا فيما بينهم ما كان معهم من تمر، ولكن كان من المؤسف أن الصحابة أساؤوا الظنون بيسار، حيث شكوا في صحة إسلامه رضي الله عنه.
وخلال مسير تلك السرية، تفاجئ الجميع بمكان يبدو أنّ في ذلك المكان آثار لجرف من السيل، فعندما رآه مولى النبي عليه الصلاة والسلام( يسار ) كبّر أي قال: (قال الله أكبر) ومن ثم قال: “والله قد ظفرتم بحاجتكم اسلكوا في هذا الفحص [موضع السيل] حتى ينقطع بكم”.
ومن ثم سارت سرية المسلمين ساعة بخفية وكانوا لا يتكلمون إلّا همسًا(بصوت منخفض) حتى وصلوا إلى مكان من الحرة، فقال مولى النبي عليه الصلاة والسلام ( يسار ) لأصحابه الكرام: “لو صاح رجل شديد الصوت لأسمع القوم فارتأوا رأيكم”، قال غالب : “انطلق بنا يا يسار أنا وأنت وندع القوم كمينا”، وفعلاً ما حصل وقد اقتربا من الأعداء حتى أنّهم قد سمعوا حس وصوت الناس والرعاء وأيضاً الحلب، عندها ما كان من الصحابيان إلّا أن أسرعا بالعودة. [المغازي للواقدي، 1/727].
قام الصحابي الجليل غالب بن عبد الله رضي الله عنه قائد السرية، بنصح أتباعه بالجهاد، حيث كان ينهاهم عن الإمعان في الطلب، ومن ثم كبّر وبعدها كبّروا جميعًا، وبعد ذلك انطلقوا، فكان لهم النصر حينها، وقد أرهبوا وأخافوا عدوهم وقد غنموا من النعم والشاة وقد قتلوا أشراف وزعماء وسادات من أعراب بني ثعلبة، ولم يسمع أنّهم قد أخذوا وساقوا أسرى معهم من هذه السرية. [زاد المعاد، ابن القيم، 3/360].
الموقف الذي قاد إلى حرمة قتل من نطق الشهادة في هذه السرية:
كان الصحابي الجليل أسامة بن زيد رضي الله عنه، قد أدرك خلال المعركة رجل من من رجال الأنصار يُدعى ذلك الرجل (مِرداس بن نَهيك)، فعندما أشهر الصحابي أسامة بن زيد السيف عليه قال ذلك الرجل: “أشهد ألا إله إلا الله”، لكن الصحابي أسامة لم يأبه وقام بقتله، وقد لامه(عاتبوه) الصحابة الكرام رضوان الله عليهم على هذا الفعل حتى سقط في يده، فعندما جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبروه بما فعل أسامة، فقال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: “لم قتلته؟”، فقال أسامة: “يا رسولَ اللهِ، أوجَع في المُسلِمينَ، وقتَل فلانًا وفلانًا، وسمَّى له نفَرًا، وإنِّي حمَلْتُ عليه، فلمَّا رأى السَّيفَ قال: لا إلهَ إلَّا اللهُ (يقصد تعوذًا واتقاء للقتل)”، عندها قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: “أقتَلْتَه؟، قال: نَعَم، قال: «فكيف تصنَعُ بلا إلهَ إلَّا اللهُ إذا جاءَتْ يومَ القيامةِ؟»، فجعَل لا يَزيدُه على أن يقولَ: «كيف تصنَعُ بلا إلهَ إلَّا اللهُ إذا جاءَتْ يومَ القيامةِ؟»”.[رواه مسلم: 97].
وفي رواية للصحابي أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قال له مكررًا إياها مرات: “أقال: لا إلهَ إلَّا اللهُ وقتَلْتَه؟”، قال: “قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، إنَّما قالها خوفًا مِن السِّلاحِ، قال: «أفلا شقَقْتَ عن قلبِه حتَّى تعلَمَ أقالها أم لا»، يقول أسامة: فما زال يُكرِّرُها علَيَّ حتَّى تمنَّيْتُ أنِّي أسلَمْتُ يومَئذٍ(أي لم أسلم قبلها)” [رواه مسلم: 96].
وقد نزل قول الله سبحانه وتعالى في مسألة اتقاء دماء المسلمين: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا”[النساء: 94] [فتح الباري: 8/20]
وقد جاء أنّ مرداس رجل من رجال أهل فدك أسلم ولكن لم يسلم من قومه إلّا هو فغزتهم سرية من سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم، حينها هربوا ومن ثم بقي الرجل مرداس لثقته بإسلامه، فعندما رأى الخيل ألجأ ما يملك من غنم إلى ناحية من نواحي الجبل ومن ثم صعد، فعندما تلاحقوا وقد كبَّروا كبَّر ومن ثم نزل وقال: “لا إله إلا الله محمد رسول الله” السلام عليكم، عندها قتله الصحابي الجليل أسامة بن زيد رضي الله عنه ومن ثم استاق غنمه، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك الأمر فوجد وجدًا شديدًا [اشتد غضبه] وقال: “قتلتموه إرادة ما معه”، ومن ثم قرأ الآية الكريمة على الصحابي أسامة بن زيد رضي الله عنه، فقال أسماة بن زيد: “يا رسول الله استغفر لي”، فقال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: “فكيف بلا إله إلا الله؟ فما زال يكررها حتى ندم أسامة ثم استغفر”، وقد دعاه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لإعتاق رقبة. [تفسير الكشاف، الزمخشري، 1/555]
نتائج السرية:
كانت نتائج تلك السرية هو انتصار سرية المسلمين وقد اتخذوا مغانم كثيرة من بني عوال ومن ثعلبة الذين كانوا المحاربين لدين الله الإسلام، وأيضاً قُتل رجل يسمّى مرداس
ما الدرس المستفاد من سرية غالب إلى الميفعة:
- كان من الدروس المستفادة هو حكمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحنكته كقائد عسكري عندما اتبع أثر عصابات الأعراب حتى يقوم بتأديبها، وعندما نشر عيونه أيضًا ليقوم بتقصي الأخبار ومن ثم أسرع بالهجوم بدلًا من أن يقوم بالدفاع المتأخر.
- إن دم المسلم حرام على المسلم، وأنّه لا يجوز القتل إلّا عن بينة.
- إن دين الإسلام يدعو لعدم التوسع في القتل، حتى القتال مع الأعداء، إلّا مع أهل الحرب.
- ومن الدروس المستفادة هو عدم التسرع بإطلاق الأحكام، حيث قد شك الصحابة الكرام رضوان الله عليهم بصدق نوايا مولى الرسول صلى الله عليه وسلم والذي يدعى( يسار).
- ومن الدروس المستفادة هو الصبر في طلب العدو، حيث قد شاعت وانتشرت قصص جوع الصحابة الكرام رضوان الله عليهم ونقص ما معهم من زاد في معاركهم وسراياهم رضي الله عنهم أجمعين.