لقد كان للسلف الصّالح من الصّحابة والتّابعين وأتباعهم منهجٌ علميّ في قبول الحديث النّبويّ الشّريف ونقلِه، ولقد كانوا متَيَقضين في قبول الحديث والتثبت منه، وعدم قبولِه إلا منْ يصلُح لرواية الحديث النّبويّ الشّريف، لذلك لم يكن الحديث الشريف بالشكل الّذي وصل فيه إلينا إلّا عن طريق جهدٍ متراكمٍ من المحدّثين النّاقلين له، وقد برز منهم من كتبوا أسماءهم بحروف من ذهب نتيجة جُهدهم في كتب الحديث، ومنهم من سنكتب عنه وهو: سِماك بن حَرْب فتعالوا نقرأ في سيرته.
نبذة عن سماك
هو التّابعي الجليل سِمَاك بن حَرب،بن أوس البَكريّ، من رواة الحديث النّبويّ، أُشْتُهِر بالفَصاحة، أدرك كما قال هو ثمانين صحابياَ وروى عن الكثير منهم، وقد كان ممّن يعرف بروايته للحديث الغزير إلّا أنَّ البخاريّ رحمه الله تجنّب عن الرّواية عنه لأنّه كما قال سيئُ الحفظ، توفي سِماكُ بن حَرب في العام الثّالث والعشرين بعد المئة من الهجرة النّبويّة.
روايته للحديث
كان سِماك بن حَرب من الّذين أدركوا صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وروى عنهم وممّن روى عنهم من الصّحابة: أنس بن مالك وجابر بن سَمُرة وروى عن كثير من التّابعين من أمثال: إبراهيم النّخعيّ والحسن البصريّ وعامر الشّعبيّ وسعيد بن جُبير ومُصعب بن سعد وعِكرمة مولى بن عبّاس، كما روى عنه الحديث: إسماعيل بن أبي خالد وحمّاد بن سلمة وابنُه سعيد وشُعبة بن الحجّاج والأعْمَش وسفيان الثّوريّ وعَنْبَسة بن الأزهر وغيرهم رحمهم الله، كما خرّج له من الحديث كثير من أهل السنن والمسانيد سوى البخاري رحمه الله تعالى.
من رواية سماك للحديث
ممّا ورد من طريق سِماك بن حَرب من الحديث النّبويّ ما أورده الإمام مسلم في صحيحة: (( حدّثنا أبو عَوَانة عن سِماك، عن موسى بن طلحةعن أبيه، قال: مررْتُ معَ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بقَوْمٍ على رؤوسِ النّخل، فقال: ( ما يصنَع هؤلاءِ؟) فقالوا يُلَقّحونَهُ، يجْعلون الذّكر في الأنثى فَيُلَقّحُ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ما أظُنُّ يُغْنِي ذلك شيئاً، قال: فأُخْبِرُوا بذلك فَتَرَكُوهُ، فأُخْبِرَ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بذلك فقال: (إنْ كان يَنْفَعُهُم ذلك فليَصْنَعُوه فإنّي إنّما ضننتُ ظنّاً) إلخ الحديث)) من كتاب الفضائل، رقم الحديث 2361.