خلق الله تعالى الخلق واستخلفهم في الأرض، وأمرهم بالعبادة والعمل الصالح الذي ينفعهم في الدنيا والآخرة، لتقوية صلة العبد بربه، وتيسير أموره في الدنيا، والفوز بالآخرة، لكن حتى يقبل الله تعالى العمل من عباده، جعل هناك شروط لقبول العمل في الإسلام.
شروط قبول العمل:
- توحيد الله تعالى والإيمان به، فأساس العمل الصالح في الدنيا الإيمان بالله تعالى وحده، وعدم الشرك به، فقال سبحانه وتعالى: “إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلا “ سورة الكهف 107.
- إخلاص العمل لله تعالى، وأن يريد العبد وجه ربه في كل أعماله، ولا يقصد الشهرة والرياء بها. قال تعالى: “فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ “سورة الزمر 2.
- طاعة الرسول والموافقة على العمل بكل ما جاء به، قال تعالى: “وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا” سورة الحشر 7.
- ألّا يوجّه العبد بعض عبادته لغير الله تعالى؛ لأنه يكون قد كفر بالله أو أشرك به، كأن يدعو الأولياء والرسل في دعائه، ويستعين بهم، وتلك الأمور من منقضات العمل الصالح عند الله تعالى. قال تعالى: “وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ “ سورة يونس 106.
ومن أهم ما يتعلق بقبول الأعمال عند الله تعالى، نية العبد من القيام بأعماله والقصد منها، والنية هي ما تُخفي أساس العمل والهدف من القيام به، وتبين مدى الالتزام بالتكاليف الشرعية للأعمال، فما معنى النية؟ وما حكم عدم الالتزام بالتكاليف الشرعية بقول الدين في القلب؟
معنى النية:
النية هي ما يقصده العبد من فعله، وتكون مخفية في قلبه، وهي ليست ظاهرة، ولا يعلم بها إلّا الله سبحانه وتعالى، ولا يجوز لصاحبها أن يتلفظ بها كما كان يفعل النبي _عليه الصلاة والسلام_، وصحابته الكرام، فقال تعالى: “وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ” سورة الملك 13.
وتتعلق النية التي تكمن في قلب العبد، بصحة أعماله، وسلامة القصد منها، ويتوقف قبول عمل العبد عند الله تعالى على ما في قلبه من نوايا، فإن سلمت تلك النوايا واستقامت، صحّ العمل واكتمل قبوله عند الله تعالى.
عدم الالتزام بالتكاليف الشرعية بقول الدين في القلب:
هناك مَن يقول من الناس: الدين في القلب، ومنهم مَن يكون مقصده من ذلك التهرب من الالتزام بالتكاليف الشرعية في الدين، ويشتمل الدين على كل الأعمال التي تتعلق بحياة العبد في الدنيا والاخرة، وهي العقائد والعبادات والمعاملات.
وتكون العقائد بالقلب، مثل الإيمان بالله تعالى، والملائكة والرسل والكتب، والأمور الغيبية التي أخبر عنها النبي _صلى الله عليه وسلم_، أما العبادات فتكون بالقيام بها عن طريق الجوارح، مع ارتباطها بما في القلب من نوايا، مثل الصلاة والصيام والزكاة والدعاء.
ويترك بعض الناس تكاليف شرعية كلفهم الله تعالى بها، بحجة أنّهم يؤمنون بتلك التكاليف في قلوبهم، ويعتبر هذا تهرباً من الالتزام بعمل كلف الله تعالى به العباد، كما أنّ سلامة النية في القلب، يتبعها صحة العمل الظاهر، والتزام التكاليف الشرعية كاملة، فالإيمان لا يكون بما يتمناه العبد، ولا بما يتحلى به، وإنما يكون بما استقر في قلبه من نوايا سليمة، وما ينطق به لسانه من أقوال صحيحة، وما يصدق به من عمل صالح.