اقرأ في هذا المقال
- الكفاءة
- ترتيب الحق بين الأولياء ووقت سقوط حق الاعتراض
- رضا بعض الأولياء المستوين في الدرجة دون البعض
- من تطلب الكفاءة في جانبه
- ما هي أوصاف الكفاءة
الكفاءة:
الكفاءة: إنّ الكفاءة هو أمرٌ واجب، وعدمه عاراً، وضابطها مساواة الزوج للزوجة في كمالٍ أو خسةٍ ما عدا السلامة من عيوب النكاح.
اتفق الفقهاء على أن الكفاءة حقٌ لكل من المرأة وأوليائها، فإذا تزوجت المرأة بغير كَفُء، كان لأوليائها حق طلب الفسخ، وإذا زوجّها الولي بغير كَفُء، كان لها أيضاً حق الفسخ؛ لأنه يوجد نقص في المعقود عليه، فأشبه خيار البيع، ولما روي: أن فتاة جاءت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقالت:” إن أبي زوجني ابنَ أخيه ليرفع بي خسيسته، قال: فجعل الأمر إليها، فقالت: قد أجزت ما صنع أبي، ولكن أردت أن أعلم النساء أن ليس إلى الآباء من الأمر شيء”. والحاصل: أن المرأة إن تركت الكفاءة فحق الولي باقٍ.
ترتيب الحق بين الأولياء ووقت سقوط حق الاعتراض:
هناك أراء للمذاهب الأربعة في هذه المسألة، في ترتيب الحق بين الأولياء ووقت سقوط حق الاعتراض.
1. يثبت هذا الحق عند الحنفية للأقرب من الأولياء العصبة فالأقرب، فإذا لم يرضوا فلهم أن يفرقوا بين المرأة وزوجها، ما لم تلد، أو تحمل حملاً ظاهراً في ظاهر الرواية، وإذا زوجها الولي بغير كفء برضاها، لزم النكاح، وإذا رضي الأولياء فقد أسقطوا حق أنفسهم بالاعتراض والفسخ.
2. وقال المالكية: إنّ للأولياء الفسخ ما لم يدخل الزوج بالمرأة، فإن دخل فلا فسخ. والإعتراض حقٌ مشترك لكل الأولياء، فلو زوجها أحد الأولياء من غير كفء برضاها من غير رضا الباقين، لم يلزم النكاح، وهذا خلافاً للحنفية والشافعية.
3. وقال الشافعية: لو زوجّها الولي الأقرب برضاها، فليس للأبعد اعتراض؛ إذ لا حق له الآن في التزويج. وإذا تساوى الأولياء في الدرجة، فزوجّها أحدهم برضاها دون رضاهم، لم يصح الزواج؛ لأن لهم حقاً في الكفاءة، فاعتبر رضاهم كرضا المرأة. ولو زوجها الولي غير كفء برضاها، أو زوجها بعض الأولياء المستوين في الدرجة برضاها ورضا الباقين، صح الزواج.
4.وقال الحنابلة: يملك الاعتراض والفسخ الأبعد من الأولياء مع رضا الأقرب منهم بالزوج، ومع رضا الزوجة أيضاً دفعاً لما يلحقه من العار؛ لأن الكفاءة عندهم كما جاء في كشاف القناع حق للمرأة والأولياء جميعهم، فلو زوج الأب بنته بغير كفء برضاها، فللإخوة الفسخ؛ لأن العار في تزويج من ليس بكفء عليهم أجمعين.
رضا بعض الأولياء المستوين في الدرجة دون البعض:
إنّ تعدد الأولياء الأقارب كالإخوة الأشقاء، ورضى بعضهم بالزواج، ولم يرض الآخرون، كان رضا البعض عند أبي حنيفة ومحمد مسقطاً لحق الآخرين؛ لأن هذا حقٌ واحد لا يتجزّأ؛ لأن سببه وهو أنّ القرابة لا تقبل التجزئة، والقاعدة المقررة أن إسقاط بعض مالا يتجزّأ إسقاط لكله، فإذا أسقط أحد الأولياء حقه، سقط حق الباقين،وذلك قياساً على حق القصاص الثابت لجماعة، فإنه حق لا يقبل التجزئة، فإذا عفا بعضهم سقط حق الباقين. وأجيب عنه بأن القصاص لا يثبت لكل واحد كاملاً، فإذا سقط بعضه تعذر استيفاؤه.
من تطلب الكفاءة في جانبه:
يرى جمهور الفقهاء أن الكفاءة تُطلب للنساء لا للرجال، بمعنى أن الكفاءة تُعدُ في جانب الرجال للنساء، فهو حقٌ في صالح المرأة لا في صالح الرجل، فيشترط أن يكون الرجل مُماثلاً أو مُقارباً لها في أمور الكفاءة. ولا يشترط في المرأة أن تكون مساوية للرجل أو مقاربة له، بل يصحّ أن تكون أقل منه في أمور الكفاءة؛ لأن الرجل لا يُعيّر بزوجة أدنى حالاً منه، أما المرأة وأقاربها فيعيّرون بزوج أقل منها منزلة، لكن يستثنى من هذا الأصل مسألتان تشترط فيهما الكفاءة من جانب المرأة، ذكرتا سابقاً وهما:
الاولى: أن يزوّج غير الأب أو الجد عديم الأهلية أو ناقصها، أويزوجه الأب أو الجد الذي عرف قبل العقد بسوء الاختيار، فإنه يشترط لصحة هذا الزواج أن تكون الزوجة مكافئة له، احتياطاً لمصلحة الزواج، وإلا لم يصح الزواج.
الثانية: أن يوكل الرجل غيره في تزويجه وكالة مُطْلَقة، فإنه يشترط لنفاذ العقد على الموكل في رأي المالكية وأبي يوسف ومحمد أن تكون الزوجة كفئاً له.
ما هي أوصاف الكفاءة:
اختلف الفقهاء في خصال الكفاءة، فهي عند المالكية اثنان:” وهما الدين والحال”، أي السلامة من العيوب المثبتة للخيار، لا الحال بمعنى الحسب والنسب.
وعند الحنفية ستة: “هي الدين والإسلام والحرية والنسب والمال والحرفة”. ولا تكون الكفاءة عندهم في السلامة من العيوب التي يفسخ بها البيع كالجذام والجنون والبرص، والبخَر والدفَر إلا عند محمد في الثلاثة الأولى.
وعند الشافعية خمسة: “هي الدين أو العفة، والحرية، والنسب، والسلامة من العيوب المثبتة للخيار، والحرفة”.
وعند الحنابلة خمسة أيضاً: “هي الدين، والحرية، والنسب، واليسار (المال)، والصناعة أي الحرفة”. فَهُم متّفقون على الكفاءة في الدين، واتفق غير المالكية على الكفاءة في الحرية والنسب والحرفة، واتفق المالكية والشافعية على خصلة السلامة من العيوب المثبتة للخيار، واتفق الحنفية في ظاهر الرواية والحنابلة على خصلة المال، وانفرد الحنفية بخصلة إسلام الأصول.