كيفية صناعة هندسة مالية إسلامية لتطوير السوق الإسلامية

إنّ الهندسة المالية من أهم الأسس التي تعتمد عليها المؤسسات المالية في تحقيق أهدافها، ومن هذه الأهداف تطوير السوق الإسلامية، بما يتماشى مع متطلبات المتعاملين واحتياجاتهم، ولتحقيق هذا الهدف الذي تسعى إليه كافة المؤسسات المالية الإسلامية، يتم العمل ضمن أساليب الهندسة المالية الإسلامية.

مفهوم السوق المالية الإسلامية:

نعني بالسوق المالية الإسلامية، بأنها سوق أوراق مالية، أو مجموعة من الأصول المالية التي تتدفّق إلى المجتمع الإسلامي، سواء كانت تعمل لآجال قصيرة أو طويلة، بين الأفراد والمؤسسات ومجالات الاستثمار فيه، ولا تتحدّد السوق المالية بمكان واحد إلّا في بعض المعاملات.
ولا يمكن أن تتواجد سوق مالية إسلامية، ما لم تتواجد معاملات مالية موافقة لأحكام الشريعة الإسلامية، وأوراق مالية إسلامية، وهذا يتطلّب مؤسسات مالية إسلامية تًُدر مثل هذه الأوراق المالية، وتتعامل بالمعاملات المنضبطة بتعاليم الشريعة الإسلامية وأحكامها، بالإضافة لوجود مصارف مركزية تسمح بترخيص المؤسسات المالية الإسلامية وإنشائها.

أهمية إيجاد سوق مالية إسلامية:

من الضروريات المهمة التي تفتح المجال أمام حيوية الاقتصاد الإسلامي، في التعامل مع المعاملات والتطوّرات المستقبلية، للعمل في المجال المصرفي والمالي الإسلامي، إيجاد سوق مالية إسلامية تتميّز بتوفير كافة الأدوات المالية والاستثمارية، التي من الممكن التعامل معها بسهولة.
ومن أهمية السوق المالية الإسلامية القادرة على تخصيص الموارد المالية، تقليل المخاطر وتحفيز النمو الاقتصادي، من خلال تمويل المشروعات الاقتصادية طويلة الأمد التابعة للقطاع العام، ومشروعات القطاع الخاص، في كافة مجالات الخدمات والإنتاج. وتتيح الأسواق المالية الإسلامية المجال أمام المستثمرين المتعاملين، في الحصول على السيولة، والإقدام على الاستثمار وتوظيف الأموال بثقة واطمئنان.
ومن الأمور التي تؤكّد على أهمية السوق المالية الإسلامية، تداول الأموال وتنشيط استثمارها بهدف الحصول على الكسب الحلال وتنمية المدّخرات. وكذلك تعريف الناس بالمعاملات المالية التي تتوافق مع أحكام الفقه الإسلامي، وتعاليم التعامل مع المعاملات المالية المستجدّة في في النظام المالي الإسلامي.

دور الهندسة المالية في إقامة السوق المالية الإسلامية وتطويرها:

يمكن اختصار دور الهندسة المالية الإسلامية في إيجاد سوق مالية إسلامية وتطويرها، من خلال النقاط الآتية:

• مهمة الهندسة المالية بابتكار أدوات وآليات مالية متطوّرة، لتسهيل التعامل، وتحقيق الكفاءة الاقتصادية مقابل الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية.
  
• توفير الأساليب والعمليات التمويلية، التي تتيح للمؤسسات المالية الإسلامية التنافس، وبالمقابل تقدم لها تعاليم إدارة المخاطر والتحوّط منها.
  
• تطوير المؤشرات امالية الإسلامية، من خلال منتجات صناعة الهندسة المالية التي تتناسب مع العمل المثالي في السوق المالية الإسلامية.
  

محددات الهندسة المالية الإسلامية في تطوير أدوات السوق المالية الإسلامية:

• اشتراط الالتزام بالمشاركة في الربح والخسارة، على أسس شرعية وضمن القواعد المالية الإسلامية المعمول بها، في عقود المشاركة والمضاربة، وهذا الشرط غير كافٍ حتى تكون الأوراق المالية المبتكرة، منضبطة إسلامياً في مجال التطبيق.
  
• ضرورة إعادة تدفق الموارد الناتجة من الأوراق والأدوات المالية، من قِبل مؤسسات تعمل وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، كما لا تُستثمر هذه الموارد في المشروعات التي تدر أرباح متّفق عليها مسبقاً، لأنّ هذه العوائد تندرج تحت مضمون الفوائد وإن اعتبرت أرباحاً من قِبل البعض.
  
• اشتراط استثمار الموارد التمويلية العائدة للأوراق المالية، في مشروعات تصب في المصلحة العامة، وعدم الإضرار بالمصالح الفردية في المجتمع الإسلامي.
  

وظائف السوق المالية الإسلامية:

إضافة إلى أهمية السوق المالية الإسلامية، من الممكن أن تقوم بتأدية بعض الوظائف والمهمّات، والتي يمكن الحديث عنها في النقاط الآتية:

• دعم الاستثمارات طويلة الأجل، من خلال تقديم الأساليب المتطوّرة في مجال المصارف الإسلامية، بالاعتماد على سوق الإصدار والتداول في سوق رأس المال.
  
• تقوم السوق المالية بطرح أدوات مالية للاكتتاب، للاستثمار المادي، كشهادات الاستثمار المتداولة، والأسهم الصادرة من الشركات التي تتخصص بالتأجير التمويلي، وأسهم شركات رؤوس الأموال المخاطرة، ووثائق صناديق الاستثمار.
  
• تداول الأوراق والأدوات المالية من خلال العمل عل لإنشاء صناديق الاستثمار للقيم المنقولة، وتكوين المحافظ للأوراق المالية وإدارتها.
  
• تقديم خيارات استثمارية متنوّعة لفتح المجال أمام المدّخرين، للإقبال على الاستثمارات المشروعة والتي تخلو من أشكال الربا المحرّم، وما يتلائم مع رغباتهم للوصول إلى أهدافهم في تحقيق الأرباح، والأمان والحصول على السيولة المطلوبة.
  
• تقديم مصادر تمويلية طويلة الأجل ومتنوّعة للمؤسسات المالية الإسلامية، لتعديل تجارب المصرفية والمالية الإسلامية، للتمكن من استثمار الأموال في المشروعات الاستثمارية طويلة الأجل، وتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية، ووالتوازن بين فرص الربحية والسيولة والأمان.
  
• كما تحرص السوق المالية الإسلامية على إيجاد عقود خيارات سليمة من الناحية الشرعية، وبُعد العقود الآجلة والمستقبلية عن المخالفات الشرعية والشبهات.
  

وستبقى السوق المالية الإسلامية تتضمّن أدوات وآليات مالية، تحتاج إلى الإبداع والابتكار، للقيام بدور اقتصادي مثالي ومطلوب، وبذلك تبقى الهندسة المالية الإسلامية المساهم الأساسي والفعّال في فعالية السوق المالية الإسلامية، وقدرتها على المنافسة مع الأسواق في الدول الأخرى وخاصة المتطوّرة.