صور من زهد رسول الله صلى الله عليه وسلم

اقرأ في هذا المقال


صور من زهد رسول الله صلى الله عليه وسلم:

من عظمة رسول الله محمد صلّى الله عليه وسلم أن كل حياة النّبي محمد صلّى الله عليه وسلم كانت نموذجًا (مثال يُقتدى به) عمليًّا لهذه النظرة الإلهيَّة للحياة للدنيا.

وهذه عدة صور ونماذج وأمثله من زهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقد وصف وذكَر سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بيت وحال رسول الله صلّى الله عليه وسلم بقوله: “فدخلت عليه فإذا هو مضطجع على رُمَال حصير، ليس بينه وبينه فراش، قد أَثَّرَ الرمالُ بجنبه، مُتَّكِئًا على وسادة من أَدَم حشوها لي، ثم رفعتُ بصري في بيته، فوالله ما رأيت فيه شيئًا يَرُدُّ البصر غير أَهَبَة ثلاثة، فقلتُ: ادعُ الله فليوسِّع على أُمَّتِك؛ فإنّ فارس والروم وُسِّعَ عليهم، وأُعْطُوا الدنيا، وهم لا يعبدون الله، وكان متَّكِئًا، فقال: أَوَفِي شَكٍّ أَنْتَ يَابْنَ الْخَطَّابِ؟ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا”.

ولقد أشفق (رقّ قلبهم له وعطفوا عليه) صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلم على النّبي الكريم عندما وجدوا الحصير الذي ينام عليه أو يقعد عليه قد أثَّر ( ترك أثراً في جسمه الشريف) في بدنه.

عن الصحابي عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: “اضطجع النبي على حصير، فأثَّر في جلده، فقلتُ: بأبي وأمي يا رسول الله، لو كنتَ آذنتنا ففرشنا لك عليه شيئًا يقيك منه. فقال رسول الله : مَا أَنَا وَالدُّنْيَا، إِنَّمَا أَنَا وَالدُّنْيَا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ، ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا”.

وذلك هو رسول الله صلّى الله عليه وسلم القائد العامُّ لجموع المسلمين في أنحاء الجزيرة العربيَّة، ومع ما فتح الله سبحانه وتعالى عليه من الفتوحات الإسلامية إلا أنّه كان متمسِّكًا بشكل كبير بحياة الزهد، وأيضاً مبتعدًا عن الزعامة والرئاسة المتصنَّعة، حيث ما زال متواضعًا في مأكله وفي مشربه، وقد لا يكون موجوداً ذلك المأكل في كثير من الأحيان والأوقات، فقد خطب النعمان بن بَشِير فقال: “ذَكَر عُمَرُ ما أصاب الناس من الدنيا، فقال: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ يَظلُّ الْيَوْمَ يَلْتَوِي مَا يَجِدُ دَقَلاً(أُردأُ التمر) يَمْلأُ بِهِ بَطْنَهُ”.

وكثيرًا ما كان يلتوي رسول الله صلّى الله عليه وسلم من شدّة الجوع طيلة حياته عليه الصلاة والسلام، ومن تلك المواقف هو ما ذكره سيدنا أبو هريرة رضي الله عنه بقوله: “خرج رسول الله ذات يوم أو ليلة، فإذا هو بأبي بكر وعمر، فقال: مَا أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُمَا هَذِهِ السَّاعَةَ؟ قالا: الجوع يا رسول الله. قال: وَأَنَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكُمَا، قُومَا، فقامَا معه: فأتى رجلاً من الأنصار، فإذا هو ليس في بيته، فلمَّا رأته المرأة قالت: مرحبًا وأهلاً، فقال لها رسول الله : “أَيْنَ فُلانٌ؟” قالت: ذهب يستعذب لنا من الماء، إذ جاء الأنصاري، فنظر إلى رسول الله وصاحبيه، ثم قال: الحمد لله، ما أحد اليوم أكرم أضيافًا منِّي، قال: فانطلق فجاءهم بعِذْق (النخلةَ من النَّواةِ) فيه بُسْر(ثَمَرُهُ قَبْلَ أَنْ يَرْطُبَ) وتمر ورُطب. فقال: كُلُوا من هذه، وأخذ المدية (الشَّفْرَةُ الكبيرة ،سِكِّين)، فقال له رسول الله : إِيَّاكَ وَالْحَلُوبَ (ذاتُ اللبَن)”.

“فذبح لهم، فأكلوا من الشّاة ومن ذلك العِذْق، وشربوا، فلمَّا أن شبعوا وَرَوُوا، قال رسول الله لأبي بكر وعمر: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمُ الْجُوعُ، ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا حَتَّى أَصَابَكُمْ هَذَا النَّعِيمُ”.


شارك المقالة: