صيغة سبب النزول

اقرأ في هذا المقال


صيغة سبب النزول:

تكلم العلماء عن من المباحث المهمة في علم القرآن، وهي صيغة من الصيغ المعروفة عند علماء الفن، فإما أن تكون بصريح العبارة، في السببية، وإما أن جاءت بلفظ الاحتمال، فتكون نصًّا صريحًا في السببية إذا قال الراوي: “سبب نزول هذه الآية كذا”، أو إذا أتى بفاء تعقيبية داخلة على مادة النزول بعد ذكر الحادثة أو السؤال، كما إذا قال: “حدث كذا” أو “سُئِلَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن كذا فنزلت الآية” – فهاتان صيغتان صريحتان في السببية سيأتي لهما أمثلة.


وقد جاءت عدة صيغ تحتمل لسبب النزول، ولذلك عندما تتضمن الآية من الأحكام إذا قال من من يروي الحديث باستخدام صيغة مثال: “نزول هذه الآية في الحكم الشرعي “ويراد به تارة أنه داخل في معنى الآية، وكذلك إذا قال: “أحسب هذه الآية نزلت في كذا” أو “ما أحسب هذه الآية نزلت إلا في كذا” فإن الراوي بهذه الصيغة لا يقطع بالسبب – فهاتان صيغتان تحتملان السببية وغيرها كذلك. ومثال الصيغة الأولى ما رُوِي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال : “أُنزلت ﴿نِسَاۤؤُكُمۡ حَرۡثࣱ لَّكُمۡ فَأۡتُوا۟ حَرۡثَكُمۡ أَنَّىٰ شِئۡتُمۡۖ وَقَدِّمُوا۟ لِأَنفُسِكُمۡۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّكُم مُّلَـٰقُوهُۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ﴾ صدق الله العظيم [البقرة ٢٢٣] في إتيان النساء في أدبارهن.
وهناك صيغة أخرى وذلك ما رُوِيَ عن عبد الله بن الزبير “أن الزبير خاصم رجلًا من الأنصار قد شهد بدرًا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شراج من الحرة، وكانا يسقيان به كلاهما النخل، فقال الأنصاري، سرِّح الماء يمر، فأبى عليه، فقال رسول الله, صلى الله عليه وسلم: “اسق يا زبير، ثم أَرْسِل الماء إلى جارك” فغضب الأنصاري وقال: يا رسول الله، أن كان ابن عمتك؟ فتلون وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم– ثم قال: “اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجُدر، ثم أَرْسِل الماء إلى جارك” ،استوعى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للزبير حقه، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل ذلك أشار على الزبير برأي أراد فيه سعة له وللأنصاري، فلما أحفظ رسول الله الأنصاري استرعى للزبير حقه في صريح الحكم.


قال سيدنا الزبير رضي الله عنه: ما أحسبُ هذه الآية إلا في ذلك: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا یُؤۡمِنُونَ حَتَّىٰ یُحَكِّمُوكَ فِیمَا شَجَرَ بَیۡنَهُمۡ ثُمَّ لَا یَجِدُوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ حَرَجࣰا مِّمَّا قَضَیۡتَ وَیُسَلِّمُوا۟ تَسۡلِیمࣰا﴾ صدق الله العظيم[النساء ٦٥] قال ابن تيمية: “قولهم: نزلت هذه الآية في كذا يراد به تارة سبب النزول، ويراد به تارة أن ذلك داخل في الآية وإن لم يكن السبب، وقد تنازع العلماء في قول الصحابي: “نزلت هذه الآية في كذا”، هل يجري مجرى المسند كما لو ذكر السبب الذي أنزلت لأجله أو يجري مجرى التفسير منه الذي ليس بمسند؟ فالبخاري يُدخله في المسند، وغيره لا يدخله فيه، وأكثر المسانيد على هذا الاصطلاح كمسند أحمد وغيره، بخلاف ما إذا ذكر سببًا نزلت عقبه فإنهم كلهم يدخلون مثل هذا في المسند”.


شارك المقالة: