من المعروف أنّ يهود المدينة المنورة هم من أكثر الناس حقداً على النبي ومن معه من أتباعه، ومع ذلك لم يكونوا أصحاب حرب ونزاعات عسكرية، بل كانوا يظهروا حقدهم وكرههم علناً، وكانوا أصحاب عداوة كبيرة، يتآمرون كثيراً على المسلمين، ويتنوعون باختيار الحيل حتى يستطيعوا إيذاء المسلمين دون أن يكون قتال بينهم مع أنَّ هناك مواثيق بينهم، ولكن بعد غزوة بني قينقاع وخاصة بعد قتل كعب بن الأشرف، خاف اليهود على أنفسهم، فما كان منهم إلّا أن توقفوا عن أفعالهم.
محاولة اليهود قتل النبي
وبعد غزوة أحد عاد اليهود في المدينة إلى الكشف عن كرههم وعداوتهم للنبي وأصحابه، فتميزوا بصفة الغدر، وكانوا يتفقون مع الكفار في مكة ولكن بطريقة سرية، حتى يصيب المسلمين الضرر، ووصلت درجة حقدهم إلى الاتفاق فيما بينهم لقتل النبي صلى الله عليه وسلم.
وكان النبي قد طلب من يهود المدينة أن يعينوه في دية الكلابيين، فكان اليهود مجبورين على الموافقة حسب المعاهدة التي بينهم، فوافقوا على طلب النبي، وجلس حينها النبي ومعه صاحبه أبو بكر الصديق ومعه بعض من أصحابه إلى جدار أحد البيوت ينتظرون وفاء وعد اليهود.
وعندها تدخل الشيطان بين اليهود حتى اتفقوا على قتل النبي، وطلبوا أن يأخذ أحدهم الرحى (أداة يطحن بها تتكون من حجرين) ويلقيها على رأس النبي صلى الله عليه وسلم حتى يقتله، فوافق على فعل ذلك أشقى رجل في اليهود وهو ( عمرو بن جحاش )، ومع اتفاقهم على قتل النبي إلّا أنّ سلام بن مشكم خالفهم الرّأي، وطلب منهم عدم فعل ذلك لأنّه مخالف للعهد الذي بين اليهود والمسلمين، ولكنّهم لم يكترثوا لكلام سلام بن مشكم وأصروا على فعل ذلك.
جبريل يخبر النبي
وبعد اتفاق اليهود على قتل النبي ورمي الرّحى على رأسه، نزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم ليخبر النبي بما يخطط له اليهود، حينها قام النبي مسرعاً ذاهباً إلى المدينة المنورة، وأخبر أصحابه بما خطّطت له اليهود لقتله، فتمرد اليهود وغدرهم ومحاولتهم الاتفاق لقتل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم هو أحد أسباب قيام غزوة بني النضير.