فوائد رفع اليدين عن الدعاء

اقرأ في هذا المقال


إنَّ من بين النِعم التي أنعم بها الله جلَّ جلاله على عبادة أنه سمح لهم بالدعاء له بشكل مُباشر، وهذا بغير تكليف أو جهد أو طرق أو حتى وسائل، بل وأنَّ الله تعالى قد أمرهم بأداء هذه العبادة العظيمة التي تعتبر من أحلّ العبادات له تبارك وتعالى؛ وهذا لأنَّ الدُعاء هو العبادة بحد ذاتها، فلا بدُ من الاهتمام بآداب الدُعاء التي يجب أن يقوم بها كل فرد مسلم، ومن بين تلك الآداب هي رفع اليدين عند الدُعاء.

رفع اليدين عن الدعاء

يقول الله تبارك وتعالى في محكم التنزيل: “وَللهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ“، سورة البقرة : 115، وكان سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام يقوم برفع يديه الشريفتين في العديد من المواقف التي كان يدعو بها، وفي مواقف أخرى أيضاً لم يرفع يديه عليه الصلاة والسلام، ويتضح هذا الأمر في السنة النبوية المطهرة، حيث وردت بعض من الأحاديث والروايات التي تذكر أنَّ النبي قد رفع يديه في بعض الأدعية وأخرى لم يرفع فيها.

وفي رواية عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلَّ الله عليه وآله وسلم قال: “لا تستروا الجدر، من نظر في كتاب أخيه بغير إذنه فإنما ينظر في النار، سلوا الله ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورها، فإذا فرغتم فامسحوا بها وجوهكم”.

فقد ثبُت بانَّه سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتمِّ التسليم قد رفع يديه وهذا في أثناء دعاء الاستسقاء، وفي بعض الروايات الأخرى وهذا عن الإمام النووي رحمه الله قال: عن أنس بن مالك رضي الله عنه وأرضاه: “أنَّ النبي صلَّ الله تعالي عليه وسلم استسقى ورفع يديه وما في السماء قزعة، فثار سحاب أمثال الجبال، ثم لم ينزل من منبره حتى رأيت المطر يتحادر من لحيته” رواه البخاري ومسلم.

ومن السنة المستحبة أن يقوم الفرد المسلم عند الدُعاء برفع اليدين إلى السماء توجهاً إلى الله تبارك وتعالى، وفي رواية تؤكد على هذا الأمر وروى الترمذي وأبو داود عن النبي صلَّ الله عليه وسلَّم قال: “إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ“. أخرجه الترمذي وأبو داود.

وعن الصحابي الجليل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب قال: “أنَّه صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع يديه في الدعاء لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه، فيفيد أنه كان يرفعهما ويمسح بهما وجهه“.

ما هي فوائد رفع اليدين عن الدعاء

عندما يقوم الفرد المسلم بعبادة الدُعاء على اختلاف نوع الدُعاء، فإنَّه من المستحب للفرد العبد المسلم أن يعمد إلى رفع يديه آنذاك، لِما لرفع الدين عند الدُعاء من فوائد وخصال وآثار حميدة تعود على الفرد المسلم بالخير والبركة بإذنه تبارك وتعالى، ومن بين الآثار الحميدة والفوائد تلك على النحو الآتي:

  • يُظهر المسلم عندما يرفع يديه متوجهاً بالدعاء إلى الله تبارك وتعالى أنَّ الله جلَّ جلاله هو الذي يستجيب للدُعاء فقط.
  • وأنَّ المسلم ضعيف أمام قدرة الله تعالى.
  • إظهار التذلل إلى الله.
  • إظهار الانكسار لله عز وجل.
  • الاعتراف الكامل بأنَّ العبد المسلم مفتقراً إلى خالقه جلَّ جلاله.
  • عندما يرفع الفرد المسلم يديه إلى السماء عند الدُعاء فإنَّه بهذا يقتدي بسيد الخلق وأشرفهم محمد بن عبدالله صلوات الله وسلامه عليه.
  • الاستنجاد بالله تبارك وتعالى وتضرعاً له.
  • الاعتراف بأنَّ لعبد فقير والله غني، يُعطي من يشاء ويمنع عمن يشاء.
  • الاعتراف بأنَّ العبد المسلم محتاجاً إلى خالقه لكي يُحقق له ما يطلب ويتمنى.
  • عندما يرفع المسلم يديه إلى الله تبارك وتعالى، فإنَّه يُعبِّر عن مكانة الله جلَّ جلاله العُليا، وأنَّ العبد مكانته في الدُنيا.

ولهذا نجد أنَّ سيدنا محمد صلوات الله تبارك وتعالى وسلامه عليه قد حثَّ المسلمين على رفع اليدين عند الدُعاء، ولأجل كل ما سبق اعتبر أدب رفع اليدين عند الدُعاء من بين الآداب المتفق عليها، والتي تؤدي في النهاية إلى استجابة الله تبارك وتعالى لدُعاء الفرد العبد المسلم.

كما وينبغي على الفرد المسلم عندما يرفع يديه إلى الخالق جلَّ جلاله بالدُعاء فإنَّه يكون متيقناً تماماً وصادقاً في إخلاصه إلى وجهه الكريم وفي النية من الدعاء كذلك.

المصدر: كتاب الرقية الشرعية من الكتاب والسنة النبوية، محمد بن يوسف الجوراني، 2006. أدعية وأذكار: سلسلة العلوم الإسلامية، دار المنهل ناشرون وموزعون. فقه الأدعية والأذكار: عبدالرازق بن عبد المحسن، 1999. المأثورات، حسن البنا، 2018. من الكتاب والسنة، سعيد بن علي بن وهف القحطاني، شرح ماهر بن عبد الحميد بن مقام.


شارك المقالة: