سورة الواقعة سورة مكيّة إلّا أربع آيات منها، (وترتيبها 65 ) في ترتيب المصحف، وقد سماها سيدنا محمد عليه السلام باسم الواقعة، على ما جاء عندما {قالوا يا رسولَ اللَّهِ قد شِبتَ قالَ شيَّبتني هود وأخواتُها، وفي روايةٍ: شيَّبتني هودٌ والواقعةُ والمرسَلاتُ و{عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} و{إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} [تخريج مشكاة المصابيح| خلاصة حكم المحدث: حسن]، إن سورة الواقعة تتناسب مع ما قبلها من سورة الرحمنلأن كُلًّا منهما تصف يوم البعث وأحوال أهل الجنة والنار، إذ تحدثت سورة الرحمن في آياتها عن انشقاق السماء بينما سورة الواقعة تحدثت عن رَجّ الأرض، فكأن السورتين توافقا مع بعضهما في سورة واحدة، ولكن بعكس الترتيب إذ تحدثت بداية سورة الواقعة عن ما في نهاية سورة الرحمن من ذكر القرآن والشمس والقمر ثم ذِكر خلق الإنسان والجن، ثم وصفت أهوال يوم البعث ثم وصفت النار ثم وصفت الجنة.
فضل قراءة سورة الواقعة لجلب الرزق:
ذكر أبو عمر ابن عبد البر في (التمهيد) و (التعليق) والثعلبي أيضا: أن عثمان دخل على ابن مسعود يعوده في مرضه الذي مات فيه فقال: ما تشتكي؟ قال: ذنوبي. قال: فما تشتهي؟ قال: رحمة ربي. قال: أفلا ندعو لك طبيبا؟ قال: الطبيب أمرضني. قال: أفلا نأمر لك بعطائك؟ قال: لا حاجة لي فيه، حبسته عني في حياتي، وتدفعه لي عند مماتي؟ قال: يكون لبناتك من بعدك. قال: أتخشى على بناتي الفاقة من بعدي؟ إني أمرتهن أن يقرأن سورة (الواقعة) كل ليلة، فإنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من قرأ سورة الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة أبدا، وعن أنس عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال: «سورة الواقعة سورة الغنى فاقرؤوها وعلموها أولادكم»».
حدث خلاف بين العلماء في صحة الحديث الوارد، فقال جماعة منهم : لم يُذكر حديث صحيح أو آية قرآنية بتخصيص آية أو سورة معينة في القرآن الكريم لعلاج بعض المشكلات أو الأمور المتعسرة، ولم تُخصص أي سورة لنجاة أو لطلب حاجة معينة، وقراءة سورة الواقعة لم ترد في دليل واضح على ذلك فكل ما ورد من حديث فهو ضعيف، وقراءة القرآن الكريم مع تفكر معانيه من أفضل الطاعات، وإنّ الدعاء لله واللجوء إليه بطلب التوفيق للخير وسعة الرزق وزيادة البركة فيه، وغير ذلك من أنواع الخير عبادة مشروعة، فمن أراد أن يحيا حياة سعيدة في الدنيا والآخرة وفي قبره، فعليه أن يحرص على قراءة القرآن الكريم كاملًا، وأن يقرأه بتمعن وتفكر ويُطبق ما فيه.
وقال جماعة: إن الحديث وإن كان ضعيف الإسناد، إلا أن القاعدة تقول: إن الحديث في ضعف إلّا أنّه يؤخذ به في الترهيب، والترغيب في فعل العمل الصالح ، وهذا الحديث من فضائل الأعمال فهو لا يحض على شيء مكروه بل يشجع على قراءة كلام الله فيجوز العمل بهذا الحديث حتى ولو كان ضعيفا .
لماذا عليكِ المواظبة على قراءة القرآن؟
من أهداف المحافظة على قراءة القرآن الكريم هي الوصول إلى فهم المعاني وتدبر آياته قال تعالى: ﴿كِتَـٰبٌ أَنزَلۡنَـٰهُ إِلَیۡكَ مُبَـٰرَكࣱ لِّیَدَّبَّرُوۤا۟ ءَایَـٰتِهِۦ وَلِیَتَذَكَّرَ أُو۟لُوا۟ ٱلۡأَلۡبَـٰبِ﴾ صدق الله العظيم [ص ٢٩]وتطبيق ما فيه من العمل بأوامره واجتناب نواهيه في أمور الحياة حتى تكونينَ من الصالحين والمهتدين إلى طريق الصواب، وقد دلّ الله عز وجل على صفات من هداهم إليه تعالى فقال: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ} صدق الله العظيم {الزمر: 18}. وإذا كان مقصدكِ هو اللجوء إلى الله تعالى والتقرب له بتلاوة آياته فلا يتم ذلك إلّا بتفكّرك بمعانيه وتدبر ما تقرئينَ حتى تعرفي مقاصد الآيات، وتتدبّرينَ ما فيها من مواعظ وحكم، وتعرفينَ ما يندرج عليه من عبادات وأحكام وعقائد، وآداب وفضائل وأحكام، وما حرمه الله عز وجل وما حلله من أمور الدنيا.
وقد نزل القرآن الكريم لجميع الناس حتى يوضح الأحكام التشريعية والآيات الربانية، وأروع الحقائق العلمية، حتى يحققوا من خلالها دراسات مثالية، لبناء ثروة عظيمة من العلم لتبقى المادة الوحيدة والأولى لقيام حضارة عالمية مثالية تتمتع في ظلها جميع البشرية بكل أفكارها ومستوياتها وأعراقها بحياة آمنة وسعيدة، لذا فإنّ فهمكِ القرآن الكريم والعمل به من الضروريات الواجبة.