فوائد معرفة أسباب نزول الآيات

اقرأ في هذا المقال


لمن أراد العلم بالقرآن الكريم فيتوجب عليه معرفة فوائد أسباب النزول ودراستها ونشرها لتتعرف الأمة الإسلامية على هذه الفوائد.

فوائد معرفة أسباب النزول

قال ابن عباس : يا أمير المؤمنين، إنّا أنزل علينا القرآن فقرأناه ، وعلمنا فيم نزل ، وإنه سيكون بعدنا أقوام يقرءون القرآن ، ولا يدرون فيم نزل، فيكون لهم فيه رأي ، وإذا كان لهم فيه رأي اختلفوا ، فإذا اختلفوا ، اقتتلوا. قال : فزجره عمر ، وانتهره ، فانصرف ابن عباس ، ونظر عمر فيما قال ، فعرفه ، فأرسل إليه فقال : أعد عليّ ما قلت؟ فأعاده عليه ، فعرف عمر ، قوله ، وأعجبه”.

أولاً: العلم بالحكمة التي تطلبت فرض حكم من الأحكام، ومن الأمثلة على ذلك:

أ- الابتعاد عن الضرر من نتيجة جماع الرجل لزوجته الحائض، قال تعالى:“وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ”، (البقرة:222).

ب- تحريم قذف النساء، ونساء المسلمات المحصنات، قال تعالى: “وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ”، (سورة النور:4).

ج- تحريم الظهار الذي يقع بين الزوجين، قال تعالى: “قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ، الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ، وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ” (المجادلة : ١ ـ ٤).

د- الصبر على إيذاء الكفار وعدم معاملتهم بالمثل وإلحاق الضرر بهم وأن يحتسبوا أجرهم عند الله تعالى، قال تعالى: “وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ” (النحل : ١٢٦).

و- العلم بوقت الفريضة كالصيام والصلاة، قال تعالى: “يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى” (البقرة : ١٨٩).

ثانياً: إذا كانت الكلمة أو اللفظ يدل على العموم وجاء الدليل القرآني على جعله خاصاً، فإذا تبين السبب يلغى التخصيص على غير صورته التي نزل عليها، قال تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ ، يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ ، يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ” (النور : 23،24،25).

فالعقاب في هذه الآية الكريمة جاء عموماً لكل من يقذف المحصنات وجاءت الآية بعموم قبول التوبة من الذين يذنبون هذا الذنب، لكن هذه الآية خصَّت بمن يقذف نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه لن يُغفر ذنبه ولا تقبل له توبة، كما في قوله تعالى: “إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ”.

ثالثاً: المعرفة الصحيحة لمعاني القرآن الكريم، فلا نستطيع فهم القصة والمغزى من غير معرفة معاني آيات القرآن الكريم.

رابعاً: المعرفة بمن نزلت الآية الكريمة ولماذا نزلت لمعرفة تفسيرها بالشكل الصحيح وعدم الوقوع بالخطأ في تفسيرها.

وفي الخاتمة فالعلم بأسباب النزول بحرٌ واسعٌ لا يخلو من التشابكات والتفرعات، فالفوائد وحدها لا تكفي بمعرفة المغزى من أسباب النزول، فيتوجب علينا أن ندرسها دراسة عميقة واسعة ونشرها نشراً يسيراً مُسهلاً على القارئ والباحث في هذه الأمور.

المصدر: المدخل لدراسة القرآن الكريم،محمد أبو شهبة،2003مباحث في علوم القرآن،مناع القطان،2000لباب النقول في أسباب النزول،الجلال السيوطي،2002المحرر في أسباب نزول القرآن من خلال الكتب التسعة،خالد المزيني،2006


شارك المقالة: