مال الوقف ونعني به حبس الأموال، وهذه الأموال إما أن تكون عن عينية أو أرض، وبعد الوقف تعتبر هذه الأموال في سبيل لله تعالى، ولا يجوز للشخص التعدي على هذه الأموال، والشريعة الإسلامية قد أباحت وقف الأموال.
قصة دينية للأطفال حول مال وأرض الوقف
في بيت يملأه الطمأنينة والسكينة كان هناك زوجًا وزوجة، وليس لديهم أولاد وكانوا في سن كبيرة، في تلك اللحظة قام الزوجين بزيارة للبيت الحرام لأداء العمرة؛ ونظراً لأنهم يمتلكون الكثير من الأموال فقد كانت رحلتهم سنوية لزيارة بيت الله، فليس لديهم أبناء ليحفظوا المال لهم ولا أخوة ولا أي شخص يقربهم ليرثهم إن توفي الزوج والزوجة.
وفي أثناء قيادة الزوج للسيارة في زيارته كان الجو حار جداً فخرج من السيارة الدخان، واستراح الزوج والزوجة بالسيارة وعندما حاول الزوج تشغيل السيارة مرة أخرى لينطلق إذ بالسيارة تهوي في بقعة عميقة الأمر الذي جعل الزوج يفارق الحياة، أما الزوجة فقد بقيت على قيد الحياة.
جاء الإسعاف والإنقاذ لموقع الحادث، حيث أخذوا الزوج جثة هامدة أما الزوجة فقد نقلت على الفور إلى المستشفى لتلقي العلاج اللازم.
في تلك الفترة بقيت الزوجة في المستشفى لفترة لا بأس بها، وفي النهاية شفيت الزوجة ولكن وضعها النفسي كان متعباً؛ لأنها فارقت زوجها الذي كان رفيقها في هذه الدنيا حيث لم يكن لها أي أحد إلا هو في الدنيا.
عاشت الزوجة أياماً متعبة نتيجة فراق زوجها الذي كان لها بمثابة الزوج والأخ والأب والصديق، لم تستطيع أن تنساه أبداً ولم تهنأ بعده بالحياة ولا الأموال.
سمعت الزوجة في ذات يوم صوت الشيخ في خطبة الجمعة يتحدث عن أرض وأموال الوقف، وهداها الله لتتكلم مع الشيخ في البلدة وتستفسر منه حول مال الوقف، فلم ترتاح حتى سألت أحد الشيوخ عن مال الوقف ومعناه وهل هو مباح خاصة أنها ليس لها شخص ليرثها ولديها أراض وأموال كثيرة.
الزوجة: ما هو مال الوقف يا شيخي الفاضل؟
أجابها الشيخ: بأنها أموال وأراض يتم توقيفها للدولة ولا يحق للأشخاص العاديين أن يتصرفوا بها وهي مباحة في الإسلام.
ثم سألت الزوجة الشيخ: هل يحق لي إيقاف مالي ومال زوجي وأراضينا؟
أجاب الشيخ: نعم يجوز ذلك ولا أحد يستطيع أن يمنعك من هذا؛ لأنك الوريثة الشرعية لزوجك.
الزوجة: وهل بعملي هذا يصل لزوجي فضل وثواب هذا العمل الفضيل أيضاً؟
الشيخ: نعم يصل لزوجك أجر ذلك العمل ما دام أن مالكم حلال وأنت تقصدين بذلك وجه الله تعالى فلكم نفس الأجر بأذن الله تعالى.
الزوجة: ما هي أنواع الوقف يا شيخي الفاضل؟
قال الشيخ: أنواع الوقف هي:
- الوقف الذري أو الأهلي: ومن يكون الوقف للورثة في الأسرة أو الأهل فإن لم يكن للواقف أقارب يجوز عندها يصبح التوقيف وقفاً خيرياً.
- الوقف العقار: وهو جعل العقار للدولة ويقصد الواقف من ذلك التقرب إلى الله تعالى.
- الوقف الخاص: وهو ما يكون في أصله على جهة خيرية في أوجه البر والخير ويتم من خلاله المنفعة للغير ويؤجر عليه الواقف.
- الوقف المنقول: وهو يكون بتلف العين ونقله للأخرين.
- الوقف العام: وهو ما يكون منذ البداية قائم على المنفعة ومن هذه المنفعة إقامة المساجد، والمشافي لتقديم المساعدة للناس.
- وقف الدراهم والدنانير: وهو وقف جائز وإن لم يكن عينها باق المهم أن تكون قد ذهبت لغاية شرعية.
الزوجة: لكن هل هناك شروط للوقف يا سيدي الشيخ؟
قال الشيخ: نعم شروط الوقف هي:
- العين الموقوفة: وهي أن تكون منفعتها مستدامة مع بقاء عينها.
- ومن الواجب أن يكون معروف الجهة التي إليها الوقف والتسمية لها.
- أن يكون الوقف قصده إرضاء الله تعالى وما فيه خير للمسلمين مثل المساجد، ويجوز عمل وقف للفقراء والمحتاجين.
- يجب أن يكون هذا الوقف دائم وغير محدد بمدة زمنية محددة أو معلق على حين معين ويستثنى من ذلك ما وقفه صاحبه حتى موته.
عندما اقترب الحديث من نهايته ذكر الشيخ مثالاً لأول وقف في الإسلام مع قدوتنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم حيث قام بتوقيف سبعة بساتين من النخيل، وكذلك عندما أصاب سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أرضًا بخير فاستوقفها.
طلبت المرأة من الشيخ أن يجري لها الأوراق اللازمة تضع الأموال والأملاك للوقف وهي تطلب بذلك الأجر والثواب من الله لها ولزوجها.
قال الشيخ: أسأل الله أن يغفر لزوجك ولك بهذه الأموال فأنت امرأة صالحة ووفيت لزوجك الذي تطلبين له الرحمة، وبعد أيام وبعد أن أوقفت الزوجة جميع أموالها وأموال زوجها فارقت الحياة نتيجة لحزنها على زوجها.
