وكان لسراقة بن مالك دور كبير في طريق الهجرة للنبي صلى الله عليه وسلم والصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
سراقة بن مالك
هو الصحابي سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي، كنيته ( أبو سفيان) ، أسلم سراقة بن مالك بعد فتح مكة، ووفاته المنية في عهد خلافة سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه، في السنة الرابعة والعشرين للهجرة ، وكان قد عاصر الخلفاء الراشدين جميعهم.
سراقة وهجرة النبي
كان سراقة هو الشخص الوحيد من بين مشركي قريش الذي تبع النبي وصاحبه في طريق الهجرة ، فكان سراقة يجلس مع قومة بني مدلج، حيث جاء رجل منهم فقام عليهم ، فقال هذا الرجل: يا سراقة بن مالك ، لقد رأيت رجالاً يمشون بالسّاحل ، أراهم محمداً وأصحابه ، وعرف سراقة أنّهم أصحاب محمد ومعهم النبي . فقال للرجل : إنَّهم ليسوا هم ، ولكنَّك قد رأيت فلاناً وفلاناً انطلقوا بعلم منا ، ثمَّ أطلت الجلوس قليلاً في مجلسهم، وبعدها قمت وذهبت ، فأمرت الجارية التي عندي أن تجهِّز لي فرسي .
وأخذت رمحي وخرجت من بابٍ خلف البيت، حتى أتيتُ وركبت فرسي ، فعرفتها تقرب بي حتى اقتربتُ منهم ، فوضعت يدي في كنانتي ( الكنانة هو جيب من الجلد توضع فيه السهام )، فأخرجت منها السهام ، فاستقمت بها ، وكنت أتردد أن أضرهم أو لا أضرهم ؟ ، فركبت الفرس، حتى أنَّ النبي كان لا يلتفت أبداً ، وأبو بكر يلتفت كثيراً في جميع الاتجاهات، ساخت (غرقت او غاصت) الفرس في الأرض حتى وصل الغرق إلى ركبتيها ، فحرَّرت عنها ، ثم زجرتها فنهضت .
فناديت النبي ومن معه وأمنت عليهم (أن لهم الأمان مني) فتوقفوا، فسرت إليهم بفرسي، فقلت للنبي : إنَّ قومك قد جعلوا لمن يعثرُ عليكَ ديّة، وأخبرت النبي بما تريده قريش ، والأخبار التي يتكلم الناس بها عنهم في قومهم، حتى أنِّي عرضت عليهم الطعام والمتاع ، ولم يسألني أيَّ سؤال ، وطلب مني أن أخفي عنهم أخبارهم ومكانهم، ووعدتُ النبي إن لم يخبر أحداً عن مكانهم فإنّ له سواري كسرى بعد فتح المسلمين لها.