للصحابة رضوان الله عليهم وللتابعين أيضاً مواقف مختلفة ومتعددة، ومن كل موقف نستقي درساً وعبرة يُستفاد منها، وفي هذا المقال سوف نتناول التحدث عن الصحابي الذي عمد إلى وعظ امرأة.
ما هي قصة عبيد بن عمير ووعظه امرأة
كان هُنالك امرأة جميلة جداً وفاتنة، حيث يُقال بأنَّها كانت عندما تنظر إلى ذاتها في المرآة كانت تتعجب من شدَّة جمالها وحُسنها، والذي لا يقدر أحد من الرجال أن يُقاوم ذاك الجمال الفاتن، وبينما هي على هذا الحال قد قالت لزوجها حينها: “أترى أحد يرى هذا الوجه ولا يُفتن به؟ فردَّ عليها زوجها وقال آنذاك: “نعم”، فقالت له: مَن؟ فقال لها: “عبيد بن عمير“، ثم قالت: فأذن لي فيه فلأَفتننه”، فقال لها زوجها: ” قد أذنت لك”.
حيث كان عبيد من عمير أحد التابعين وكذلك الزاهدين الذين عمدوا إلى رواية الحديث النبوي الشريف عن سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، فأخذت هذه الامرأة تُفكر بالطريقة التي من خلالها توقعه بالمعصية، جاءت إليه كمستفيتية في أمرٍ ما فيما يخص الدين.
فخلا معها رضي الله عنه وهذا في ناحية من المسجد الحرام؛ وهذا لكي يسمع منها سؤالها، فكشفت عن وجهها الذي كان يشبه القمر من شدة جمالها، فقال لها عبيد بن عمير رضي الله عنه: “استتري يا أمة الله”، فردَّت عليه حينها وقالت: “إني قد فتنت بك”، فعلم حينها ما في ذاته اتجاهها، فقال لها: “إني سائلك عن شيء، فإن أنت صدقتني نظرت في أمرك”، فردَّت عليه وقالت: “لا تسألني عن شيء إلّا صدقتك القول فيه”.
أخذ عبيد بن عمير يسأل المرأة سؤالاً تلو الآخر حيث أنَّها كانت تُجيب على اسئلته بكل صدق وهذا كما وعدته، فقال لها: “أخبريني لو أنَّ ملك الموت أتاك ليقبض روحك أكان يسرك أن أقضي لك هذه الحاجة؟ فقالت له: “اللهم لا”، فقل لها عبيد: “صدقت، فلو دخلت قبرك وأجلست للمساءلة والمحاسبة، فهل كان يسرك أني قضيتها لك؟ فقالت له: “اللهم لا”، ثم قال لها بن عبيد: “صدقت، فلو أنَّ الناس أعطوا كتبهم ولا تدرين أتأخذين كتابك بيمينك أو بشمالك أكان يسرك أني قضيتها لك؟” فقالت له تلك المرأة: “اللهم لا” وكان حينها الخوف يتلبسها ويعتريها، فقال لها: “صدقتِ”.
وأكمل معها الأسئلة وقال لها بمعنى كلامه لو أردت أن تمري على الصراط المستقيم فهل تعلمي هل تنجين أم لا؟ أكان يسرك أني قضيتها لك؟ فقالت: اللهم لا، ثم قال لها عبيد: صدقتِ، قال: فلو جيء بالميزان وجيء بك فلا تدرين أيخف ميزانك أم يثقل أكان يسرك أني قضيتها لكِ؟ قالت: اللهم لا، فقال لها: صدقتِ، فلو وقفتِ بين يدي الله عزَّ وجل وهذا من أجل المساءلة أكان يسرك أني قضيتها لك؟ فردَّت عليه وقالت: اللهم لا، ثم قال: صدقتِ.
وعندما انتهى التابعي عبيد بن عمير من سؤال المرأة الفاتنة، وبعدما علِم أنَّها قد أتى في ذات المرأة من الخوف من الله عزَّ وجل، والخوف من لقائه سبحانه وتعالى، فقال لها عبيد بن عمير حينها ناصحاً لها: “يا أَمة الله اتقي الله، فقد أنعَم الله عليك وأحسن إليك، فهل يكون جزاء الإحسان إلّا الإحسان؟
وحينها قد صحت المرأة تلك من الغفلة التي كانت بها، وعندما عادت تلك المرأة إلى زوجها سألها عن ما الذي فعلته، فقالت له: “أنت بطال ونحن بطالون”، ثم أقبلت على أداء العبادات من الصلاة والصوم وغيرها، وحينها زوجها كان يقول: “ما لي ولعبيد بن عمير أفسد عليَّ امرأتي، كانت في كل ليلة عروساً فصيَّرها راهبة”.
من هو عبيد بن عمير
وهو عبيد بن عمير الليثي، أو عاصم، يعتبر هذا من التابعين ورواة الحديث النبوي الشريف، وكان أول شخص يقص القصص وهذا بغية وعظ الناس وهذا في أثناء خلافة الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث أنَّ ابن سعد البغدادي: “أول من قصًّ عبيد بن عمير على عهد عمر بن الخطاب”.
حيث أنَّ هذا التابعي قد ولد في أثناء حياة النبي عليه الصلاة والسلام، حيث ذُكر أنَّ عبيد بن عمير رضي الله عنه من أكثر الناس بلاغة وكان أيضاً يندمج مع الوعظ، وكان أيضاً يبكي إلى أن يُبلل الحصى بواسطة دموعه رضي الله عنه، وتوفي في سنة ثلاثة وسبعين للهجرة.