بعد هجرةِ المسلمينَ إلى الحبشةِ، وأصبحوا في مأمنٍ كبيرٍ من المشركين خوفاً منهم على دينهم وأنفسهم، فزاد هذا الأمر من خوف كفّار قريش.
صحيفة المقاطعة
بعد خوفِ الكفار ممّا جرى لهم من المسلمين، وزادهم حيرةً حين صمَّم بنو هاشم على حماية النبي وحفظهِ من أيّ مكروهٍ من قريش.
فضاقَ الحالُ بقريش، فاجتمعوا وخرجوا بقرارٍ متفقٍ بينهم وتحالفوا على مقاطعة بني هاشم ، فكان ميثاقهم على أن لا ينكحوا منهم ولا يبايعوهم ولا يخالطوهم ولا يجالسوهم ، ولا يكلموهم ،ويقاطعوهم مقاطعة تامَّةً ، حتى يسلِّموا محمد إلى قريش .
وكتبوا تلك المقاطعة على صحيفةٍ ووضعوها داخل جوفِ الكعبةِ، فما كان من بنو هاشم إلّا أن انحازوا كلُّهم إلى شعب أبي طالب بسبب قرارات الصحيفة إلّا أبو لهب، وقيل أنّهم كانوا يأكلون من ورق الشّجر من الجوع .
واستمر الحصارُ وأشتدَّ عليهم، وقُطِعَ عنهم الماء وحتى المأكل ، وكان لا يصلهم أيُّ شئ إلّا بالسّر، فعانوا من الجوعِ حتى صار يُسمَعُ أصواتُ النساءِ والأطفالِ يصيحون من الجوعِ.
نقض ميثاق الصحيفة
بعد مرورِ ثلاثةِ أعوامِ على الحصارِ وفي السنة العاشرة من بعثة النبي قام خمسة من أشراف قريش بطلب نقض هذه الصحيفة التي تَصبّ في ظلمٍ لبني هاشم ، وكان اتفاقهم على ذلك الأمر ليلاً، فأرسل الله الأرضة( نوع من أنواع ديدان الأرض) على تلك الصحيفة فأكلت جميع ما كتب فيها إلّا كلمةُ (باسمك اللهم)، وبذلك نقضت الصحيفة وفكّ الحصار عنهم ، فخرج النبي ومن معه من شعب أبو طالب.