كيف أسلمت بلقيس مع سليمان عليه السلام؟

اقرأ في هذا المقال


إسلام بلقيس مع سليمان عليه السلام لله ربّ العالمين:

يقول الله تعالى: “وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ” النمل:43. أيّ أنّ سليمان بما صنع من أحداث صدّها عما كانت تعبد من دون الله؛ لأنها كانت من قوم كافرين. وقوله تعالى: “قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ ۖ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا ۚ قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ ۗ النمل:44.
فالصرح إمّا أنّ يكون القصر المُشيد، وإمّا أنّ يكون مثل إيوان الأكاسرة مثلاً، لما جاءت لتدخل الصرح وجدت أمامها ماء فيه سمك، فظنت ذلك ما يريدُ سليمان عليه السلام أن يُغرقها فيه، فرفعت ثيابها وكشفت عن ساقيها، فمعنى ذلك أنها فهمت أنّ هذا ماء؛ لأن سليمان كان قد بناهُ من زجاج مثل الكريستال، ووضع تحته ماءً وأسماكاً فهي ظننتهُ ماء فشمّرت ثوبها؛ حتى لا يبتلُ، فقال سليمان عليه السلام: ادخلي فهذا صرحٌ ممهد من الزجاج، فماذا كان ردّها؟ “قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ” النمل:44. ظلمت نفسها في ماذا الكفر أولاً.
إذن، وليست هي التي قالت: “وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ” أو أنها لم تنطق بالكلمة نطقاً صريحاً، إلّا بعد أن دخلت الصرح، أنها ظلمت نفسها في أنها اتهمت سليمان بأنه يريد أن يغرقها في الماء، حينما قال لها: “أدخلي الصرح” ومعنى: “حَسِبَتهُ لجّةً” أي ظننتهُ لجةَ ماءٍ، وكونها كشفت عن ساقيها، هذه عملية قسريةٍ لكل إنسان قد يُعرض نفسهُ للسير في الماء، فأنت حين تسير في الطريق، وتجد فيه ماء ترفع طرف ثوبك، حتى لا يُصيبهُ بللٌ، وبعض الإسرائيليات الداخلة في كتب التفسير تزعم أن سليمان عليه السلام عمل هذه العملية؛ حتى تكشف بلقيس عن ساقيها ليراها؛ لأنه بلغهُ أنها مشعرةُ الساقين، وهذا كذب فلا يليق أنّ يُقال هذا عن نبي من أنبياء الله صلوات الله عليهم جميعاً.

حكم داود وسليمان عليهما السلام في قضية الحرث:

إنّ داود عليه السلام يعيش في بيتهِ مطمئناً، والحُراس كانوا يقفونَ أمام بابه، ولا يَسمحون لأي أحدٍ بأن يدخلَ عليه في وقت عبادتِهِ وفي ذلك الوقت كان داود جالساً في المِحراب، وفجأة ظهر رَجلانِ أمامهُ خاف داود عليه السلام؛ لأنهما دخلا عليه في غير الوقت المخصص لهذا قال أحدهما: لاتخف، أننا لا نريد بك سوءً، جئنا لتفْصِلَ في قضيتنا.
يقول الله تعالى: “وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ۚ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ ۚ وَكُنَّا فَاعِلِينَ” الأنبياء:78-79. إنّ كلمة “يحكمان” تدلُ على أنّ هناك خصومة في قضية الحرث، والحرثُ هو إثارةِ تربة الأرض، وسمّي ربّنا الزرع والثمر والحدائق بالحرثِ، فقال تعالى: “وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ۗ البقرة:205.
فمعنى كلمة: “ويُهلِكَ الحَرثَ” أي يُهلك ما نشاء من الحرثِ من زروعٍ وثمار وفواكهَ، فيُسمى الزروع حرثاً مع أن الحرث هو إعداد الأرض للزرع، وهذا يُوضح لنا أنه يمكن زرع إلا بحرث.
وقصةُ الحرث التي حكم فيها داود وسليمان عليهما السلام، هي أنّ رجلاً عنده زرع ورجلٌ عنده غنم، فراعي الغنم غَفِلَ عن غنمهِ فهربت إلى الزرع وأكلتهُ، فقام صاحب الزرع فاشتكى لنبي الله داود، وداود لأول وهلةٍ قال لصاحب الغنم: أعطِ الغنم لصاحب الأرض وانصرف، في هذا الوقت كان عمر سليمان عليه السلام أحدَ عشرَ عاماً، فلما خرجَ الراعي وصاحب الأرض من عند داود قال لهما: ماذا قضى أبي؟ قالا له: قضى بأن يأخذَ صاحب الأرض الغنم. وتأويل ذلك: ربما وجدَ داود أنّ قيمة الزرع الذي أكلتهُ الغنم، يُساوي قيمة الغنم، فحكم هذا الحكم.
فلمّا قصّ الرجلان قصتهما على سليمان لم يقل: هذا ظلمٌ أو جور، ولكن قال: هناك حلّ أرفضل، فلما قال هذا الكلام، وبلغَ داود أرسلَ إليهِ، وقال له: ما هو الأرفقُ الذي تراه في هذه القضية؟ قال له: نُعطي الغنم لصاحب الزرع، فيستفيد من لبنها وأصوافها، ونترك صاحب الغنم يزرع الأرض حتى تُثمر، وتصبح كما كانت قبل اعتداء الغنم عليها، وعندئذٍ يأخذ صاحب الغنم غنمهُ، ويأخذ صاحبُ الأرضِ أرضهُ. فاللهُ تعالى هو الذي فهمَ حلّ هذه المسألةِ لسُليمان، وهذا ليس طعنّاً في داوود؛ لأنّ الله آتى كلّ واحدٍ منهما حُكماً وعِلما.


شارك المقالة: