السرقة بين الزوجين والأقارب ومن الخدم:
إن معنى السرقة بشكلٍ عام، هي جملةٌ من الجرائم الواقعة على الأموال يتعرض لها الإنسان في ماله وممتلكاته، مثل إساءة الائتمان والاختلاس والغش وغير ذلك. يُعزر الخادم الذي سرق متاع سيدهِ، والزوج الذي سرق من زوجته، والزوجة التي سرقت من زوجها، حتى وإن كانت السرقة حرز لأحدهما خاصة لا يقيمان فيه، أو كانت السرقة من الزوج لمال زوجته ثم أبانها بعد السرقة. ومثل ذلك أن يسرق خادم أحد الزوجين من صاحبه.
وعند مالك، إن الزوجة إذا سرقت من مال زوجها من غير بيتها الذي تسكن فيه، فإنها تقطع، وكذلك خادمها إذا سرقت من مال الزوج من بيت الزوج، وقد حجرهُ عليهم، وهذا هو الشأن إذا سرق خادم الزوج من مال الزوجة، من بيت قد حجرته عليهم، فإنهم جميعاً يقطعون.
وعند البعض الآخر، قالوا لا قطع على السرقة بين الزوجين؛ لأن مال كل منهما غير محرزٍ بالنسبة للآخر. وقال البعض بقطع الزوج لا الزوجة؛ لأن لها الأخذ منه، ونفقة القريب مواساة فافترقا. أما عند الظاهرية، إن القطع في السرقة بيّن كالحكم في السرقة بين غيرهما، وذلك إن سرق ما لم يُبح له، وإن أخذ ما يُباح له فهو محسن، ومن ذلك الصداق والنفقة والكسوة، فتأخذ ما يكفيها وولدها بالمعروف، ولا تأخذ أكثر من حقها، وتأخذ بالمعروف.
ويُعزر من سرق من ذي رحمٍ محرمٍ منهُ، أو سرق مال الغير من منزل ذي الرحم المحرم منه، أو سرق مال الغير من منزل ذي الرحم المحرم منه، ومن سرق من منزل يحل لهُ دخوله، كمن سرق من امرأته ابنة أو زوج أو أمة أو امرأة أبيه، وذلك لافتراض الإذن بالدخول عامة في تلك الأحوال، فلا يتم فيها معنى الحرزية. أما عند الظاهرية، قالوا القطع في سرقة ذي الرحم المحرم لعموم آية السرقة.
خيانة الأمانة:
إن من يخون الأمانة يُعزر؛ لأن الجاني قد استلم ما اؤتمن عليه بعقد من عقود الأمانة، فيكون هناك قصور في الحرز، وقد جاء في الأحكام السلطانية للماوردي، أنه لا يقطع من يخون الأمانة، كأن يجحدُ العارية أو الوديعة؛ لأن شرط الحرز غير متوافر، وذلك فضلاً عن عدم توافر ركن السرقة، وهو أخذ المال خفية، على ما مر عند الكلام في اختلال شرط الخفية في السرقة، وذلك خلافاً لأحمد بن حنبل، فإنه يقول بقطع جاحد العارية. وعلى قطع جاحد العارية كذلك قال الظاهرية، فهم يسوون بين المستعير الجاحد والسارق في وجوب القطع.