كيف يكون التعزير عقوبة مفوضة؟

اقرأ في هذا المقال


أقوال الفقهاء في التفويض ومداه:

إن من أقوال الفقهاء في التفويض ومداه أقوال الحنفية، وسنتعرفُ في هذا المقال على مسلك الحنفية في هذا الأمر.

مسلك الحنفية:

التعزير عند الحنفية: هو عبارة عن عقوبة مفوضة إلى رأي الحاكم على الأرجح، وهذا التفويض من أهم أوجه الخلاف بين الحدّ والتعزير، إذ إن الحد هو عبارة عن عقوبة مقدرة مقدماً من الشارع. ويراعي في تقدير التعزير الجريمة والمجرم.

اختلاف التعزير باختلاف الجريمة:

التعزير يختلف باختلاف الجريمة، والواجب على القاضي عند تطبيق العقوبة التعزيرية أن ينظر إلى السبب وهو الجريمة، ويطبق العقوبة التي تُناسبها. وقد أفاض الفقهاء في بيان هذا المعنى. ونكتفي هنا بذكر ما أورده الأسترَوشني في الفصول الخمسة عشر في التعزير؛ لأنه يفي بالغرض. فقد قال عن اختلاف التعزير باختلاف الجريمة ” ينبغي أن ينظر القاضي إلى سببه، فإن كان من جنس ما يجب به الحدّ، ولم يجب لمانع وعارض، يبلغ التعزير أقصى غاياته، وإن كان من جنس ما لا يجب به الحد، لا يبلغ أقصى غاياته، ولكنه مفوضٌ إلى رأي الإمام”.
1. إذا قال لأمة الغير أو لأم ولد الغير: يا زانية، يجب عليه أقصى غايات التعزير؛ لأنه من جنس ما يجب به الحد.
2. إذا قال الرجل لغيره: يا خبيث، يا فاسق، يجب التعزير، ولا يبلغ أقصى غاياته.
ثم قال وفي التهذيب، ثم التعزير إلى رأي الإمام بقدرٍ عظّم الجرم وصغره. ثم قال: وفي حدود الأصل: يبلغ التعزير أقصى غاياته في موضعين، إحداهما: إذا أصاب من الأجنبية كل محرم غير الجماع. والثاني: إذا أخذ السارق في البيت بعد ما جمع المتاع قبل الإخراج.
ثم قال : وقال أبو يوسف: التعزير على قدر عظم الجرم، وعلى ما يرى الحاكم في حدود أقل من ثمانين فإن قلت: ما ذكر في حدود الأصل يقتضي الانحصار في موضعين وليس كذلك، فإنه قال في المحيط: إنه إذا قال لأمة الغير يا زانية يجب عليه أقصى غايات التعزير. وقال في الدرر: وقيل في تارك الصلاة: يُضرب حتى يسيلُ الدم.
وقال في الحجة: ولو ادعى الإمام أنه كان مجوسياً لا يُصدق. إلا أنه يُضرب ضرباً شديداً. وفي الخانية: أن من وطئ غُلاماً يُعزر أشد التعزير وفي التتار خاينة. أن المرأة إذا ارتدت تُجبر على الإسلام وتُضرب خمسة وسبعين سوطاً. وفيه أيضاً شاهد الزور: وقال أبو يوسف، بالضرب ولا يبلغ أربعين سوطاً. ثم رجع أبو يوسف وقال: يبلغُ خمسة وسبعين: قلت: لا ريب أن ما ذكر في الحدود قول محمد وأبي يوسف. وما ذكر في المحيط والدرر، والحجة قول أبي يوسف وحده. وما ذكر في الخانية قول أبي حنيفة رحمة الله وحده. وما في التتار خاينةً قول أبي يوسف وحده أيضاً.


شارك المقالة: