حال المحكوم عليه وقت التنفيذ:
يكون الضرب والمحكوم عليه قائمٌ ومجردٌ من ثيابه، وفي إزارٍ واحد، وقيل: إنه يضرب التعزير وعليه ملابسهُ العادية بعد أن يُنزع عنه ما عداها من حشوٍ أو فروٍ أو غير ذلك، من أجل إيصال الألم إلى كامل جسمه، ويكون هذا عن الرجل.
أما عن المرأة فلا تجريد عليها من ثيابها عند إقامة الحدّ عليها أو التعزير؛ لأنها عورة ويُحرم كشفها، ويكتفي بنزع الحشو والفرو وما شابه ذلك، ليخلص الألم إلى بدنها. وستر العورة يحصل بما يلبس عادةً، فليس هناك حاجةً لإبقاء الحشو والفرو عليها.
وعند مالك قال: أن الرجل يُجرد من ثيابه في ضرب التعزير حتى يُكشف ظهره بغير ثوب. أما المرأة فلا تجرد لها، وما كان من ثيابها ممّا اتخذت عليها ما يدفع الجلد، فإن ذلك عنده يًنزع، وما كان غير ذلك عندهُ يُنزع، وما كان غير ذلك لا يُنزع.
موانع الضرب:
من الأماكن التي يُمنع الضرب عليها أثناء التعزير هي الوجهُ والفرج. أما الفرج؛ لأن الضرب عليه متلف، إذ إنه لا يحتمل الضرب. أما الوجه فلأن النبي عليه الصلاة والسلام، لما أمر برجم الغامدية للزنا أخذ حصاةً كالحمصة ورماها بها، ثم قال للناس: “إرمُوها واتقوا الوجه”. وإذا كان قد منع الضرب على الوجه في الرجم وهو متلف طبعاً، إذ يأتي على النفس، فإن ضرب الوجه موضع الحواس، وفي الضرب عليه إذهاب لبعض الحواس عنه، وهو يُعتبر استهلاكاً حكماً.
وقال أبو يوسف بعدم جواز الضرب على الصدر والبطن أيضاً؛ لأن الضرب عليهما من شأنه الإتلاف. وعند أبي حنيفة ومحمد لا يضرب الرأس، وكان أبو يوسف يقول ذلك، ثم رجع عنه، وقال: بأن الرأس يضرب أيضاً ضربةً واحدةً. وهو قول ابن أبي ليلى، وذلك لحديث أبي بكر، فقد قال: اضربوا الرأس، فإن الشيطان فيها.
وقد احتج أبو حنيفة ومحمد بحديث عمر، إذ قال للجلاد: إياك أن تضرب الرأس والوجه والفرج. وبأن الرأس هو مكان الحواس، والضرب عليها يفوت بعض هذه الحواس. وجاء عند أبو يوسف، أنه يُضرب في التعزير الظهر والإلية فقط. وفي فتاوى قاضيخان عنه، أنه يُضرب الرأس والكفين والذراعين والعضدين والساقين والقدمين.
وهل يفرق الضرب في التعزير على جميع أعضاء الجسم، أو يقتصر على موضعٍ واحد. فقد جاء في بعض الكتب التفريق، وجاء في البعض الآخر عدم التفريق. وورد في الكفاية: أن التعزير لا يخفف من حيث التفريق، وأنه قد ذكر في المحيط أن محمداً ذكر في حدود الأصل: أن التعزير يفرق على الأعضاء ولا يضرب العضو الذي لا يضرب في حد الزنا.